حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

التعتيم الفاضح لصورة العربي

"خزانة الألم" ينتصر للسياسة على حساب الفن

الرباط – بقلم سليمان الحقيوي

هناك خبايا كامنة وراء تتويج بعض الأفلام بالجوائز وثمة أطراف تصنع من بعض المخرجين نجوما عن طريق مباركة أعمالهم.

من السمات التي طبعت مسار الفن السابع عبر مساره القصير نسبيا، كان التشديد على أن العمل السينمائي لا غاية له في ذاته.

وأدى هذا النمط من التفكير إلى سلك طرائق انتقائية في صناعة الفيلم تبتعد به عن بؤرة إنتاجه وتنفتح به على عالمه الخارجي المكون أساسا من ثلاث ركائز، يستمد منها العمل نجاحه أو تكون سببا في فشله، ويعتمد ذلك على الفكر الجيد أي السيناريو ثم التوصيل الجيد بما يشمله من إخراج وتمثيل، بالإضافة إلى القبول الجيد والمتمثل في الصدى الذي يتركه العمل عند الجمهور.

يقودنا هذا الحديث بالضرورة إلى طرح سؤال وجيه بصياغة محددة ودقيقة، ما هي مقاييس نجاح العمل السينمائي؟ وفي طريق الإجابة عن هذا التساؤل تواجهنا عقبة أخرى، إذ علينا أولا أن نميز الفيلم الجيد، هل يتحقق ذلك بقولنا العفوي إن هذا الفيلم جيد وهذا رديء أم غير ذلك؟

وهذا البحث سيدخلنا في متاهة تشبه ليل امرئ القيس لأن هذه التحديدات قد حيرت صناع الفيلم أنفسهم، فالمنتج يعتبر العمل جيدا فقط إذا حقق أرباحا مادية ولقى تجاوبا من شبابيك التذاكر. أما نقاد السينما فإنهم يحصرون اهتمامهم فيما تضمنه العمل من مميزات ومواصفات جمالية.

ويبقى دور الجمهور أساسيا في رحلة بحث الفيلم عن النجاح، لأن المخرج يتعامل مع هذا العنصر وكأنه ناخب يضع تصويته في شباك التذاكر، فإن أقبل على عمل دون غيره فإنه بطريقة أو أخرى يختار أو ينتخب مخرجه رئيسا.

فالتساؤل الذي طرحناه آنفا يكتسب وجاهته حينما نكون بصدد فيلم سينمائي معين، نحس بعد مشاهدته بنوع من الإحباط والخداع، لأنه بتعبير الجمهور يكون رديئا أو فاشلا، لكن هذا الإحساس يتعاظم حينما نفاجأ بالكرم الذي يلقاه هذا العمل أو أعمال تشاكله، في بعض المناسبات التي تحتفي بالأعمال السينمائية الناجحة.

وهذا الحديث ينطبق تماما على الدورة 82 لتوزيع جوائز الأوسكار التي صادفت ليلة 8 مارس 2010 وتمنحها "أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة"، لكن هذه السنة حفلت بالعديد من المفاجئات إن لم نقل المتناقضات، حيث كانت صالة "مسرح كوداك" -المكان الذي ينظم فيه الحفل- مسرحا حقيقيا لمسرحية توزيع الجوائز كان بطلها فيلم "خزانة الألم " للمخرجة كاثرين بيغلو.

وأفلام هذه الدورة اتسمت بالتنوع من حيث المواضيع والنجاح، حيث كان التنافس بين فيلم "أفاتار" لجيمس كامرون الذي بلغت تكاليف إنتاجه نصف مليار دولار، وهي الأعلى في تاريخ هوليود، أما إيراداته فقد بلغت مليارين ونصف المليار دولار، أما ميزانية "خزانة الألم" فبلغت 15مليون دولار وإيراداته 19مليون، ما جعل هذا العام عاما استثنائيا من حيث كم الجدل الإعلامي الذي صاحب هذه الدورة.

لكن هذا الجدل تناول ما هو سطحي في هذا الموضوع على اعتبار المتنافسين كانا زوجين سابقين، وأن هذا الأمر هو منبع الإثارة في هذه الدورة، لكن جيمس كامرون نفسه فند هذا الزعم وكل التحليلات التي تشاكله حينما كان أول المهنئين وأول من صفق لبغلو بابتسامته التي لم تضمر أي حسد.

وتجدر الإشارة إلى أن فيلم "خزانة الألم" فاز بجوائز ذات ثقل كبير من بينها أفضل فيلم وأفضل إخراج، فيما نال "أفاتار" ثلاث جوائز في الجوانب التقنية فقط، ولم تعرف هذه السنة سيطرة مطلقة لفيلم معين كما كان الحال في السنوات السابقة حيث تجاوزت بعض الأفلام إحدى عشر جائزة.

وبالإضافة إلى ذلك نجد أن هذه السنة لم تنصف بعض الأفلام كفيلم "عاليا في السماء" الذي لم يخفِ بطله جورج كلوني إحباطه بنظراته التي عكست حسرته على خسارة الفيلم للجوائز التي رشح لها تباعا، وفاز جيف بريدجيز بجائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم "قلب مجنون"، ورشح بريدجيز أربع مرات للأوسكار لكنها المرة الأولى التي يفوز بهذه الجائزة بعد 30 عام من الانتظار. وذهبت جائزة أفضل ممثلة لساندرا بولوك عن دورها في فيلم "البعد الآخر".

وما نلامسه من منح جوائز هذه السنة هو الانحياز التام لفيلم "خزانة الألم" الذي أصبحت مخرجته أول امرأة تفوز بالجائزة، هذا الانحياز كان على حساب الأفلام المنافسة عموما وفيلم أفاتار خصوصا.

والمداخل إلى أسباب ذلك كثيرة أولها أن الأكاديمية أرادت أن تنصف هذا العمل الذي ظلمه الجمهور في كل أنحاء العالم، فمنحه الجوائز ما هو إلا إعطائه حياة جديدة ستجعل الجمهور يعيد اكتشافه، بالإضافة إلى ذلك فموضوعه يظهر الجانب البطولي للجندي الأمريكي عن طريق التركيز على "التضحيات" التي يقوم بها في بلداننا العربية مع ممارسة نوع من التعتيم الفاضح لصورة الطرف العربي (العراقي) تتمثل في عدم إبراز معانات العراقيين وتجاوزات الجيش الأمريكي.

وتمجيد صورة الجندي الأمريكي في الخارج هي دعوة إلى إعادة الاعتبار إلى هذه المهنة وتلميعها في وجه المواطن الأمريكي.

في مقابل ذلك نجد "أفاتار" يحمل في طياته دعوة صريحة تعترف بأحقية الشعوب في الدفاع عن أوطانها حتى وإن كان هذا الوطن افتراضيا، فالواضح أن الأكاديمية ثمنت الفيلم الذي يتماشى مع السياسة العامة لهذا البلد القارة، وهو ما حصل بالضبط، فقد انطلت هذه الحيلة على مقتنصي الأخبار، الذين انهال غزلهم على هذا الفيلم انطلاقا فقط من ساعة تتويجه بالاوسكار، وكأن ميلاده الحقيقي هو 8 مارس 2010 وليس 23 سبتمبر 2009.

يتضح إذن أن هناك مؤثرات وخبايا كامنة وراء تتويج بعض الأفلام بالجوائز، وأن هناك أطراف تصنع من بعض المخرجين نجوما عن طريق مباركة أعمالهم، ومن ثم صنع أفلام سينمائية في الإطار الذي يلبي غاياتها.

وقد يلتقي ذلك مع أهداف تعادي تماما تطلعات الجمهور، لكن السينما التي لا تحقق التواصل مع المتلقي عن طريق تشجيع حوافز التفكير لديه وتدفعه لكي يكون عنصر فعالا في المجتمع بعيدا عن الإحباط واليأس، هذه السينما لا يمكن أن تحمل هذه الصفة مهما رصعت بذهب الجوائز واصطبغت ببريقه.

ميدل إيست أنلاين في

16/04/2010

 

شتائم السينما.. تجنح إلى الابتذال وتهبط بالذوق العام

القاهرة - دار الإعلام العربية 

«قل للزمان ارجع يا زمان».. عبارة نواجهها كلما طُلب منا رصد حال ما هو موجود في حياتنا، فنضطر إلى عقد المقارنة بين ما هو فائت، وما هو كائن.

وباعتبار السينما جزءًا من حياتنا فهي ليست بعيدة عن هذه المقارنات، خاصة حين يدعونا حالها المليء بالشتائم المبتذلة والعبارات النابية إلى المقارنة بينها وبين سينما زمان، التي كانت شتائمها دمها خفيف ومحترمة.. فنحن بهذه المقارنة كأننا أمام بحث في تاريخ الشتائم السينمائية.. «الحواس الخمس» يرصد مؤشر الشتائم بين سينما الأمس واليوم، ويحاول تفسير أسباب هجر الأسر للسينما، بعد أن صارت دور العرض السينمائي ساحات معارك للألفاظ الخارجة.

لا حيلة أمام الرقابة وهي بين نارين، إما أن تمنع أفلامًا حماية للمجتمع وتقاليده، ووقتها ستتهم بالرجعية وتهديد صناعة السينما، وإما أن تترك الحبل على غاربه، تماشيًا مع وجهة نظر صناع السينما الذين يرون أن الواقعية بمفهومهم هي الفن الحقيقي، أما الجمهور فلايزال مستمرا في احتفاظه بصورتين متناقضتين.

فصورة أفلام زمان لدى مخيلته تتسم بالرصانة، خفة الروح، المسؤولية الحقيقية، أما حاليًا فتلتصق بها تُهم البذاءة، الابتذال، الاستخفاف بالمشاهد، بينما النقاد وعلماء الاجتماع حائرون بين مبررات واهية لصناع هذه الأفلام التي سميت ب«الواقعية».

وبين اقتناعهم بأن ما تعبر عنه السينما غريب وبعيد كل البعد عن المجتمعات العربية، في حين تحاول الرقابة اتباع سياسة الوسطية ومسك العصا من المنتصف، وذلك بتمرير بعض من هذه الأفلام، وإلا اندثرت السينما وصارت من حفريات التاريخ.

شتائمنا في الميزان

انتقادات حادة لصُناع السينما نتيجة ما يطرحونه على أبناء هذا الجيل والأجيال المقبلة، خاصة بعد أن أصبحت السينما تأتي إلى المشاهد في بيته عبر قنوات رسمية أو خاصة، بينما كانت في الماضي تسكن دور العرض السينمائي فقط، ما قد ساعد الأسر على حماية أبنائها.

السينمائيون يقولون إن البيئة هي التي تحكم اختيار الألفاظ المستخدمة، فقديمًا لم تكن السينما مثالية - حسب رأيهم - لكن كانت بها ألفاظ نابية، وإن كانت قليلة، والسبب في هذا أن البيئة وقتها كانت هي الحاكمة، وليس صُناع السينما.

كما أن بيئة اليوم هي التي فرضت واقع السينما، لكن إذا وُجِّه إليهم سؤال: هل ما نسمعه من ألفاظ خارجة في السينما يعبر عن مجتمعات عربية إسلامية؟ تأتينا إجابتهم سريعًا:

«إن الفن يعبر عمَّا هو موجود، لا عمَّا يجب أن يوجد»؛ لذا فإن هناك أفلامًا ظلت محفوظة في الأدراج خشية حذف الرقابة بعض مشاهدها، ما يسبب خللا في بنائها الدرامي.

لغة سينمائية

لقد غيَّرت الرقابة مسمى فيلم من «ندل بميت راجل» إلى «ولاد العم»، والفيلم بطولة كريم عبدالعزيز، شريف منير، منى زكي، والمنطق في أي مجتمع.

وليس العربي فقط، لا يمكنه أن يقبل أن يكون «الندل» بمئة رجل، كذلك فإن ما شهده فيلم «دكان شحاتة» الذي أخرجه خالد يوسف، من عبارات السب التي أطلقتها هيفاء وهبي في حق الأئمة، ومشاهد الغرام داخل مسجد الحسين على خلفية إنشاد ديني.

وعمليات اغتصاب بشكل لا يتناسب مع الواقع أو على الأقل بشكل غير معهود يعد أمرًا غريبًا، وتطول قائمة الأفلام المتجاوزة كل الحدود مثل فيلم «بوبوس» للفنان عادل إمام، فقد رفضت الرقابة السماح بالعديد من المشاهد والألفاظ التي وصفتها بالجريئة والخادشة للحياء، مشهدان منها لعادل إمام، وآخر للممثلة ميسرة.

وإذا استعرضنا بعضًا من شتائمنا «المودرن»، فنجد لغتنا السينمائية نزلت إلى قاع المجتمع لتغترف منه عبارة تقول: «يا واطي ياللي أمك ما قالتش لأ»، وفي فيلم «بحب السيما» شتمت الفنانة عايدة عبدالعزيز أهل عريس ابنتها، وهم يحتفلون داخل الكنيسة:

«يا ولية يا شرشوحة ياللي أجعص جعيص فيكو مش لابس لباس». أما شتائمنا قديمًا فكانت بالغلاف الأنيق وسط الدراما، حين قال الفنان عبدالفتاح القصري لعبدالمنعم إبراهيم في فيلم «سكر هانم»: «إيه الحُرْمة المتْلخْفنة دي.. ده أنا جنبك أبقى مارلين مورنو».

كذلك في أفلام السبعينيات، ففي فيلم «خلي بالك من زوزو» كانت الشتيمة القاسية فيه «يا تخينة يا فشلَّة يا شوال المورتديلا»، وعندما شتمت الفنانة لبلبة الفنان نور الشريف في أحد الأفلام، وهو يقود سيارته: «مش تفتح يا أعمى القلب»، فرد عليها نور الشريف:

«أما إنك ست ناقصة صحيح»، ونفس الأمر للفنان رياض القصبجي وشتائمه للفنان الكوميدي إسماعيل ياسين فلا حاجة بعد هذه الأمثلة إلى المقارنات، إلا أن د.عزة كُريم، أستاذ علم الاجتماع، تقول: «من المفترض أن تكون السينما عاملا مهمًا في تربية الأجيال.

لكنها بما تقدمه من موضوعات سطحية خالية من المضمون، جعلها مليئة بالألفاظ الخارجة بقصد الإثارة، ما يترك تأثيرًا سلبيًا في شبابنا لمحاكاة ما يشاهد».

أضافت: «ما يطرح ليس واقع المجتمع المصري والعربي، وكل ما يحدث نتيجة السينما البذيئة يكون سلوكًا سلبيًا مثل حالات الاغتصاب، التحرش، العري غير المبرر، الألفاظ الخادشة للحياء التي أصبحت القاسم المشترك لكل الأعمال السينمائية في الأعوام الأخيرة»، وأشارت إلى أنه من الضروري أن يفهم الجميع أن للسينما دورًا مؤثرًا في الارتقاء بالمجتمعات والتنوير والتوثيق لكل ما هو مفيد.

اختراع شتائم

وشاركتها الرأي د.سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع، التي وصفت الألفاظ المبتذلة والسوقية التي تتضمنها هذه الأفلام بأنها لا يمكن أن تندرج تحت الواقعية، وقالت إن معظم الألفاظ التي تتناولها الأفلام تصبح عبارات محفوظة يرددها الكل في مواجهة الآخر؛ لأنها غريبة.

وجديدة عليه، والغريب أن هذه الأعمال اخترعت شتائم لم يكن يسمع بها أحد، وإذا قررنا عقد مقارنة بين سينما زمان وحاليًا، فسندرك أنها في الماضي كانت أكثر واقعية من خلال قيادة المجتمع لفضائل الأعمال، كما كانت تطرح قضايا حقيقية من عمق المجتمع بموضوعية،.

بينما نجد السينما اليوم سوقية تقوم على أساس حسابات الربح والخسارة، ولا أريد أن أورد بعض العبارات الخادشة التي تصدر من سينما اليوم، ورددها الأطفال والشباب كأمر عادي لا يحرك فيهم أي إحساس بخطورة ما يرددونه، بينما يسكت المجتمع وينظر إلى الأمر كأنه لا يعنيه بدلاً من أن يصرخ ويضغط لتغيير هذا الواقع الذي فرض علينا في غفلة من أمرنا.

استسهال الانحراف

أما الناقد السينمائي أحمد الحضري فيؤكد أن ما يحدث اليوم من موضوعات ضحلة وألفاظ منحرفة يعبر عن أزمة حقيقية تعيشها السينما، وألقى باللائمة أولا على المنتجين والموزعين الذين اعتقدوا أنه دون هذه الألفاظ والأعمال الهابطة لن يحقق العمل إيرادات.

وسيقل توزيعه في العالم العربي، وفي الوقت نفسه اعتقدوا خطأ أن هذه الأعمال هي مستوى الجمهور الذي لا يستجيب إلا إلى التفاهات، ولم يدركوا أن وعي الجمهور أعلى مما يتخيلون، وما يؤكد ذلك انصراف الجمهور عن هذه النوعية من الأفلام بعد أن يكون قد تورط في دخولها في الأسبوع الأول للعرض.

أضاف الحضري أن بعض المؤلفين يستسهلون الانحراف، ويكتبون بلغة ظنوا أنها تعبر عن الشارع، أو أنها تهم الشارع، وهذا يؤكد أننا أمام محنة كبيرة لا بد من الالتفات إليها.

ألفاظ نابية بشروط

الناقد طارق الشناوي يختلف بعض الشيء عن السابقين، فقد أكد أن وجود بعض الألفاظ الخارجة إذا وُظفت دراميًا فإنها تخدم العمل.

وقال: «في الأفلام القديمة كانت هناك ألفاظ خادشة وشتائم غير لائقة، لكنها تأتي موظفة دراميًا، إلا أنني ضد الإفراط في مثل هذه المفردات والألفاظ؛ لأنها ستفرغ الفيلم من مضمونه الأساسي، خاصة إذا كان يعالج قضية محددة؛ ولذلك هناك العديد من الممارسات تحدث في أفلامنا، وهذا يحتاج بالفعل إلى إعادة نظر وحوار جاد».

ويضيف: «إن لجوء الكتَّاب والمنتجين إلى إنتاج مثل هذه الأعمال التي تتضمن ألفاظًا خارجة وعبارات إيحائية خادشة برز خلال فترة التسعينيات بالتحديد، فأفلام الثمانينيات وما قبلها نجد شتائمها متحفظة، على الرغم من قسوتها أحيانًا.

وبنظرة سريعة إلى مجتمعاتنا العربية التي يحكمها المنطق الديني، سنجد أن ما يفعله صُناع السينما من خلق أكبر قدر من الإثارة بالإيحاءات الجنسية والعبارات غير اللائقة يتعارض مع طبيعة هذه المجتمعات.

لكن عندما بدأت السينما العمل بهذا الأسلوب أثيرت ضجة اعتبرها صُناع السينما خير دعاية للمنتج الجديد من خلال إعلام مفتوح، فاعتقدوا أن هذا هو الطريق الأمثل للسينما، وللكسب في آن، واستمرت الحال حتى أصبح الأمر وكأنه شيء عادي.

ولا يمكن الحد من هذه الظاهرة إلا من خلال كُتَّاب ملتزمين ليعيدوا الأمور إلى نصابها، بدلاً من ترك الساحة لكُتَّاب المقاولات، وتحويل السيناريوهات إلى مسخ مشوّه، بعد إضافة مشاهد تجذب المراهقين، كذلك فإنه يجب على الرقابة أن تكون أكثر حزمًا.

ويمتد سلطانها حتى قرار إيقاف العمل نهائيًا إذا رأت أنه لا يعبر عن الواقع المحافظ الذي يعيشه المجتمع المصري، لكن هذا لا ينفي ضرورة أن تكون هناك عبارات وألفاظ في بعض المشاهد التي تتطلب ذلك.

وأن يتم ذلك وفق الممكن والمقبول؛ لأن الشارع المصري يتجادل ويتحاور أحيانًا بمفردات وعبارات وشتائم، لكنها لم تكن خادشة، فأي فيلم يخلو من هذا التوجه الفني يعني خروجه بعيدًا عن الواقع».

الحكم على الشتائم قديمًا وحديثًا في يد المشاهد، فهو إما أن يقبل على هذه السينما المنفتحة إلى آخر مدى، وبذلك يروّج لها ولفكر صناعها، أو يحجم عنها، ويغلق أمامها النوافذ، فيضيق تنفسها وتضطر إلى العودة إلى المسار المعتدل الذي كانت عليه قديمًا، فأمر البذاءة السينمائية يحتاج إلى حوار، بدلا من الاستمرار في استثمار الغفلة الفنية.

البيان الإماراتية في

16/04/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)