حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

أمل السينما الفرنسية الجديد.. ابن مهاجر مغاربي

أجيال الهجرة تطرق باب الفن السابع بقوة

باريس: أنيسة مخالدي

أخيرا، يبدو أن الحظ قد بدأ يبتسم للفنانين المتحدرين من أجيال الهجرة المغاربية في فرنسا، فبعد سنوات الشوك والدموع ومشوار المتاعب والهامشية، وصل وقت الشهرة والمجد، الذي يحصدون فيه الجوائز والألقاب، واعتراف زملاؤهم بمواهبهم المؤكدة.

طاهر رحيم، أحد هؤلاء، حيث أصبح هذا الشاب، الذي لم يتعد الثلاثين، في ظرف أشهر قليلة «أمل» السينما الفرنسية الجديد، بعد أن حصد عن أدائه في فيلم «النبي»، لجاك أوديار، أكثر من ثماني جوائز سينمائية، وهو رقم قياسي بالنسبة إلى ممثل مبتدئ: منها جائزة «أحسن ممثل»، وجائزة «أمل السينما» في حفلات السيزار الأخيرة، وكذا جائزة أحسن ممثل أوروبي بمناسبة مهرجان لندن، وأخيرا جائزة «أمل السينما» لمسابقة رومي شنيدر وباتريك دوفير.

النقاد أشادوا بأداء طاهر لشخصية «مالك جبانة»، شاب فرنسي من أصول عربية، يعيش حياة الانحراف والهامشية، إلى أن يقع في قبضة الشرطة، ويدخل السجن ليعيش تجربة قاسية في عالمه العنيف المليء بالمتناقضات، حيث يتعلم خلف قضبانه الحديدية كيف يتحايل ويدبر المكائد وينافق لكي يعيش في حماية من هم أقوى منه، إلى أن يصبح بدوره زعيما، بعد أن دخله وهو شاب ضعيف من دون أي تجربة.

صحيفة «لوموند» كتبت تقول بأن «أداء طاهر هذا الممثل الهادئ.. في فيلم (النبي) هو ببساطة.. مدهش»، أما صحيفة «لوس أنجليس تايمز» الأميركية، فقد وجدت أن بطل فيلم «النبي» يذكر كثيرا بالممثل آل باتشينو في أول أدواره، وبخاصة دوره في «العرّاب».

الترحيب الذي لقيه فيلم «النبي» داخل فرنسا وخارجها، جعل الممثل الشاب ذا الملامح الهادئة والنظرة الخجولة في مدة بسيطة من النجوم المطلوبين، الذين تنهال عليهم العروض السينمائية، وتتنافس وسائل الإعلام والقنوات التلفزيونية للظفر بمقابلة معهم، حتى هوليوود نفسها التي عاد منها الممثل الشاب منذ مدة بسيطة بعد انتهائه من تمثيل دور أمير بريطاني في فيلم للمخرج كيفن ماكدونالد، بعنوان «The eagle of The ninth» إلى جانب ممثلين مشهورين، أمثال شانينغ تاتوم، ودونالد شوترلاند.

وقد كان لقاء طاهر رحيم بالمخرج جاك أوديار في استوديو تصوير مسلسل «البلدية»، الذي تنتجه قناة «كانال+»، هو الفرصة التي فتحت له باب المجد على مصراعيه، حيث كان المخرج يبحث آنذاك عن شاب يمثل شخصية «مالك»، وعرض على طاهر ترشيح نفسه، معترفا بعدها بأنه «كان متأكدا من أنه وجد شخصية مالك منذ الوهلة الأولى التي رأى فيها طاهر رحيم..»، لكن تفاجأ الوسط الفني الفرنسي بالدخول القوي لهذا الممثل المبتدئ.. كان أقوى على اعتبار أنه لم يكن معروفا من قبل، فـ«النبي» هو أول بطولة مطلقة له، ولم يكن قد مثل قبلها إلا في شريط قصير ومسرحية واحدة.

علما بأن طاهر رحيم من مواليد مدينة بلفور، الواقعة شمال فرنسا، من أبوين مهاجرين من أصول جزائرية، ونشأ في عائلة بسيطة مكونة من 10 أطفال. ترك دراسته الجامعية، تخصص تربية رياضية، ليلتحق بالمسرح، وقد وصل باريس منذ 4 سنوات فقط، وهو لا يحمل معه شيئا، عدا حقيبة صغيرة.

وكان قد اعترف في حواراته الصحافية بأنه عاش في تلك الفترة أوضاعا صعبة، فكان يتابع نهارا دروسا في المسرح، ويعمل ليلا في ملهى، ولكنه كان واثقا بموهبته، وكان مستعدا لتحمل أكثر، حبا في السينما. مثل طاهر رحيم، ولكن أقل حظا منه جيل كامل من المواهب الفرنسية ذات الأصول المغاربية ممن عانوا طويلا قبل أن ينالوا فرصتهم ويتم الاعتراف بمواهبهم.

وتتذكر المخرجة يمينة بن غيغي - «ذاكرة مهاجرين»، و«إن شاء لله.. يوم الأحد»، و«عائشة»، وجائزة النقاد في مهرجان تورنتو، الجائزة الأولى مهرجان مراكش، والجائزة الأولى مهرجان فلورنسا - قائلة: «الأمور كانت أصعب في السابق، فقد قاسينا الأمرين سواء أنا أو زملاء لي، كإيزابيل عجاني (الممثلة)، أو عبد الرؤوف دافري (كاتب سيناريو)، لكي نفرض وجودنا وبصمتنا التي تعبر عن التعددية التي أصبحت تميز الشعب الفرنسي، اضطررنا إلى انتزاع اعتراف الوسط الفني بمواهبنا ولم يكن ذالك سهلا، وأنا شخصيا لا زلت أعتبر نفسي في معركة لا تنتهي».

أما عبد الرؤوف دافري، كاتب سيناريو معروف - «النبي» (2.5 مليون متفرج) و«مسرين» (3 ملايين متفرج) - فأضاف يقول: «حين كتبت قصة (النبي)، كنت أريد أن أحكي من خلالها قصتي.. قصة ابن المهاجر العربي، الذي يعيش في المجتمع الفرنسي، على الرغم من حريته، وكأنه في سجن كبير، سجن الشكوك والأحكام المسبقة. كما لم أرد للفيلم أن يحمل نظرة استعمارية يظهر فيها ابن المهاجر وكأنه ينتظر الفرنسي المتأصل حتى يأخذ بيده ويساعده على الوصول إلى بر الأمان.. بل أردت لبطلي أن يظهر فخورا بأصوله».

أما كاد ميراد، ممثل (واسمه الحقيقي قادور ميراد)، فيقول إنه عانى طويلا من نظرة الآخرين بسبب «اختلافه» وأصوله المغاربية، وهو يتذكر كيف أن منتجا رفض إعطاءه دور الملك فرانسوا الأول في مسرحية، على الرغم من توصيات المخرج، متحججا بأن «قادور» لا يمكن أن يمثل دور فرانسوا.

وقد تقلّب طويلا في أدوار ثانوية، إلى أن منحه زميله داني بون، «دنيال حميدو»، دور البطولة في فيلم «مرحبا عند الشتي»، الذي حقق نجاحا كبيرا، (20 مليون متفرج)، وفتح له أبواب الشهرة. وهو اليوم يحاول التطرق إلى هذه المشكلة في قالب كوميدي، عبر فيلمه الجديد «الإيطالي»، الذي يحكي فيه قصة ابن مهاجر مغاربي يتنكر لأصله، مدعيا أنه إيطالي الأصل هروبا من مشكلات التمييز العنصري.

الشرق الأوسط في

09/04/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)