حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

جائزة خاصة لمن يستطيع حصر قتلي الفيلم!

كتب محمود عبد الشكور

مهما كانت قدرتك علي التخيل وافتراض الأسوأ، لن تتوقع مدي السذاجة والاستخفاف اللذين كتب بهما هذا الفيلم الذي يحمل عنوان «Erom Paris with love» أشك كثيرًا أن يكون صناع هذا الفيلم الذي أخرجه «بيرموريل» عن رواية كتبها «لوك بيسون» أن يكونوا شاهدوا شيئًا من أفلام الأكشن جيدة الصنع، أو أن يكونوا قد استوعبوا جزءًا من دروس جاذبية سلسلة أفلام «جيمس بوند» مثلاً والتي يحاول العنوان أن يستدعي ويستفيد من اسم أحد أعمالها الناجحة، درجة مدهشة من الفبركة والسطحية تجعلك تتساءل لماذا يقبل نجم مثل «جون ترافولتا» بطولة فيلم متواضع بهذا الشكل؟ هل لمجرد أن يلعب دور الشجيع الذي يقتل أعدادًا لا حصر لها من البشر في قلب «باريس» يمكن إذا نجحت في عدهم أن تحصل مني علي جائزة خاصة؟ إنه يستطيع أن يفعل ذلك في أفلام تحترم عقل المتفرج، ألم يسأل «ترافولتا» مخرج الفيلم - ولو من باب الفضول - عن تلك الثغرات البائسة التي لا يمكن أن نتصور أن خريجًا من معهد السيناريو أو شابًا مبتدئًا يتورط فيها؟!

تتعامل أفلام الأكشن - مثلما هو معروف - مع فكرة البطل الخارق، وتأخذ في العادة هذه الفكرة إلي حدها الأقصي، وهناك نوع من الاتفاق المسبق مع صناع هذه الأفلام علي التعامل مع هؤلاء الأبطال بنوع التسامح في قدراتهم ومغامراتهم ولكن ليس إلي هذا الحد الذي يثير الغضب، قد تكون مشاهد الحركة والمطاردة متقنة ولكن كل المشاهد التي تقود إليها ليست كذلك، والحقيقة أننا لا نشاهد برنامجًا عن «الدوبليرات» أو عن انقلاب السيارات أو تفجيرها أو اطلاق الرصاص، ولكننا أمام فيلم روائي يجب أن يخضع للتقييم مثل أي فيلم، ومن هذه الزاوية نحن أمام «حاجة» كدة لا لها رأس أو قدمين، وإنما هناك شخصيتان لا يمكن أن تصدق وجودهما أو تصرفاتهما ولو حتي علي صفحات مجلات الأطفال، الشخصية الأولي هي «جيمس ريز» «جوناثان ريس ميريس» الذي يفترض أنه يعمل كمساعد للشهير الأمريكي في باريس، ولكن بعد دقائق ستكتشف أنه علي اتصال بجهاز غامض هو علي الأرجح جهاز أمريكي لمكافحة الإرهاب، و«جيمس» هذا يطمح أن يلتحق به أو شيء من هذا القبيل، وفي سبيل ذلك سيكون عليه أن يضع - بأمر من يتحدث إليه - جهازًا للتجسس علي لقاءات السفير الأمريكي مع المسئولين الفرنسيين استعدادًا لزيارة متوقعة لرئيسة الولايات المتحدة، والطريف أن الفيلم سينسي كل شيء عن هذا الجهاز، وستتحول المأمورية إلي استقبال رجل أمريكي مكلف بمهمة في باريس، وعلي «جيمس» أن يكون مساعدًا له.

هنا يأتي دور الشخصية الثانية «شارلي واكس» «جون ترافولتا»، وهو رجل أقرب إلي رجال العصابات في أردأ الأفلام الأمريكية، شخص عنيف وبذيء وأقرب إلي الحمقي والمجانين منه إلي الأسوياء، تخيلوا مثلاً أن هذا الرجل سيتشاجر في الجمارك لأنهم لم يسمحوا له بإدخال مشروب مكون من الكفايين والذرة، ولكن «جيمس» يستطيع بحصانته الدبلوماسية أن يدخل هذه العبوات التي نكتشف بداخل بعضها أجزاء من مسدس يريد «واكس» أن يقوم بتهريبها وكأن فرنسا لا يوجد بها مسدسات!

علي صعيد الحياة الخاصة لـ«واكس» لن تعرف عنه سوي أقل القليل، وعلي صعيد حياة «جيمس» سيقدم الفيلم لنا عشيقة جميلة تدعي «كارولين»، وعندما تقدم له عشيقته خاتمًا كهدية لكي يخطبها توقعت علي الفور أن يكون في الخاتم جهاز للمتابعة اعتمادا علي مشاهدة لمغامرات خالد الذكر مستر أكس في جزءيه، والحقيقة أن الفيلم لم يخيب ظني علي الإطلاق ولكن مع مفاجأة أكثر سذاجة في النهاية عن هوية العشيقة «كارولين».

أما وقائع ما حدث عندما نزل «واكس» مع «جيمس» إلي «باريس» فهي أغرب مما تتصور، لقد دخلا مطعمًا صينيا، وبعد لحظات أطلق «واكس» النار علي الخدم والطهاة، فقاموا بالرد عليه لنكتشف أننا في وكر لتهريب المخدرات، وفي مشهد مضحك يطلق «واكس» النار علي السقف فينزل الكوكايين الأبيض كالدقيق، ويأخذ منه «جيمي» ما تيسر داخل فازة عملاقة ستصاحبه لفترة طويلة حتي عندما يدخل برج «إيفل» ولأن «واكس» يتصور أن «جيمس طفل صغير يقنعه أنه جاء للقضاء علي عصابة مخدرات كانت سبباً في وفاة ابنة شقيق وزير الدفاع الأمريكي بجرعة مخدر زائدة، ويكون ذلك مناسبة لقتل المزيد من الصينيين، ثم يكشف «واكس» أخيراً عن سره وهو أنه جاء للقضاء علي إرهابيين يدبرون شيئاً، وهم متورطون بالمرة في تجارة المخدرات!

بعد قتل الصينيين سيجيء الدور علي شخصيات عربية أو شرق أوسطية، هناك شخصية باكستانية تدير مكاناً للعاهرات، وفي أحد أكثر المشاهد سذاجة ستلتقي كارولين بالصدفة مع «جيمس»، وبدلاً من أن يسألها عن سبب تواجدها في المكان، تلومه تليفونياً لأنها شاهدته بصحبة إحدي العاهرات، أما «واكس» فهو يمارس المزيد من القتل والتفجير، وينصح زميله - الذي يفترض أنه مساعد السفير الأمريكي شخصياً - بأن يمارس القتل، ومثل أفلام الأربعينيات التي كنا نضحك عليها يصل البوليس الفرنسي دائماً بعد المجزرة التي يرتكبها «واكس» وتابعه «جيمس».. الدبلوماسي المسلح!

في الجزء الأخير من الفيلم تصل «الفبركة والسطحية إلي حدود غير مسبوقة، لعلك قد تتذكر أن كارولين قد اهدت «جيمس» خاتماً.

في احتفال للعشاء يحضره «واكس» وجيمي سيقتل الأول صديقتها الباكستانية، وسيكشف لجيمس أن خطيبته تتجسس عليه فتهرب منهما بعد مطاردة، وسيعترف «جيمس» أنه لا يعرف شيئاً عن خطيبته، ويصبح السؤال: لحساب من تعمل الأخت «كارولين»؟

المفاجأة التي أعدها الفيلم لمن يصمد حتي النهاية أن «كارولين» ارهابية انتحارية، تقول في محادثة لها تليفونياً مع «جيمي» إنها اكتشفت لحياتها معني بالانضمام إلي الجماعة. هنا عليك أن تصدق أن «كارولين» تنتمي إلي القاعدة أو أي جماعة إسلامية متطرفة دون أي مقدمات، بل إن الصورة التي قدمت بها «كارولين» في بداية الفيلم لا تختلف عن عشيقة أي رجل عصابات في أي فيلم أوروبي أو أمريكي، ولأن الحكاية بها مخدرات ونساء ومخابرات وإرهاب فلابد أن يكون فيها مؤامرة أخيرة حيث يفترض أن تقوم «كارولين» بتفجير مؤتمر فرنسي - أمريكي لمساعدة أفريقيا علي طريقة نهايات أفلام «أحمد البيه» ويسبق هذه المحاولة قيام رجل ملتح يقود سيارة باعتراض موكب رئيسة الولايات المتحدة القادمة للمؤتمر، ولكن «واكس» يكون هناك بالمرصاد حيث يطلق صاروخاً في قلب باريس يدمر السيارة، ويحفظ حياة الرئيس.

أرجوك لا تسألني كيف دخلت «كارولين» بحزام ناسف ومرتدية زياً هندياً في مؤتمر يحضره رئيسا أمريكا وفرنسا؟! وأرجوك لا تسألني لماذا لم يعرف السفير شيئاً عن نشاط مساعده الذي لا يفعل شيئاً أكثر من محاربة الإرهاب؟ لا تسألني عن أي شيء لأن المخرج و«ترافولتا» عايزين كده، المهم قتل الأخت «كارولين» لتضاف إلي قتلي الفيلم، ولاشك أن «حانوتية» باريس سيعملون جيداً بعد أن تحولت عاصمة النور إلي عاصمة القتلي، المهم أيضاً أن يصبح مساعد السفير الشاب تلميذاً للفتوة الأمريكي الذي لم يكفه مكافحة الارهاب في أمريكا فجاء لمحاربته في فرنسا لأن البوليس الفرنسي «علي قده»!

لو كان هناك معني لما شاهدته فإن العنف وحده يستطيع مواجهة المخدرات والإرهاب القادم من الشرق ولكنه معني عميق لا أظن أن صناع الفيلم يستحقونه لأنهم أكثر سطحية من ذلك.. أقولها لهم بصراحة من القاهرة.. مع غلبي، ومع أسفي الشديد!

روز اليوسف اليومية في

31/03/2010

 

عفوا.. أستاذ إبراهيم العريس:

عمر الشريف.. شلال مواهب.. لا شلال كلام

كتب نسرين الزيات 

تحت عنوان «عمر الشريف: صورة جانبية لنجم تحول شلال كلام»، كتب الأستاذ الناقد إبراهيم العريس مقالاً في صفحة السينما الأسبوعية يوم الجمعة الماضية 26 مارس في جريدة الحياة اللندنية.. وأوضح العريس في البداية أن عمر الشريف كان ضيفاً علي العاصمة القطرية بمناسبة اختيار الدوحة عاصمة ثقافية حيث عرض له فيلم «السيد إبراهيم وزهور القرآن». أعرف أن من حق أي ناقد أو كاتب أن يعبر عن رأيه كيفما يشاء وبالصورة التي يراها ملائمة لوجهة نظره.

رغم تقديري لما يكتبه دوماً العريس، إلا أن ما كتبه عن عمر الشريف وهو ما اعتبره تجريحاً في شخصه، فقد بات المقال أشبه بسلسلة توبيخ أو تقييم لأداء الشريف الشخصي، وليس نقداً أو انتقاداً لأعماله، فمن حقه ذلك لكن ليس لحد السخرية منه.

وفي بداية مقاله يقول العريس: «.....لكن هذا الفنان الكبير ذا التاريخ العالمي الحافل في الفن السابع ما أن يقترب أكثر، حتي يبدأ عمره الحقيقي بالظهور إن لم يكن في خطواته، ففي تغضن ملامحه. وإن لم يكن في هذا كله ففي حديثه الذي ينغمس فيه ما إن يجلس وهو ينظر حواليه ببعض الفضول.. فعندما يبدأ عمر الشريف في الحديث، وهو يبدأ، فوراً، حتي يصبح شلال كلام متدفقا.. يبدو وكأنه يريد أن يعوض عن سنوات من الصمت، وربما عن وحدة يعيشها».

تلك العبارات تحمل سخرية وتهكماً علي «عمر الشريف» لمجرد أنه يتحدث بشكل عفوي، أو أحياناً يضطر ــ وبدون قصد ــ أن يحكي حكايات سبق أن حكاها في جلسات ولقاءات متفرقة، لذلك يشير العريس في مقاله بالقول: من الصعب، في الحقيقة معرفة ما الذي يجعل عمر الشريف يكرر هذا كله مرات عدة خلال يومين.. ثم يتوقف عن الكلام فجأة ليقول إنه في حقيقة الأمر لم يحب في حياته سوي امرأة واحدة هي فاتن حمامة «لم أحب قبلها ولم أحب بعدها ونحن لم نتطلق إلا بعد عشرين سنة من الفراق الذي اقتضته ظروف عملنا. كنا تواعدنا علي البقاء معاً علي رغم المسافات الفاصلة، علي أن يطلب أي منا الطلاق إذا ما أراد أن يتزوج من جديد. من هنا، حين صارت عودتي مستحيلة، ومبارحة فاتن حمامة القاهرة مستحيلة أكثر، وأرادت أن تتزوج من جديد، أرسلت إليها الأوراق فوراً.. ونحن الآن أصدقاء».

ورغم أن العريس حاول أن يكسب مقاله الحيادية، ونقل حديث عمر الشريف عن هوليوود وعبدالناصر وابنه الوحيد «طارق» وغيرها من الحكايات. إلا أن العريس لم ينس أن يختم مقاله بفقرة تؤكد علي ملله من تكرار حديث عمر الشريف عن نفس الحكايات والتفاصيل، خلال فترة إقامتها في الدوحة معاً بقوله: كل هذه الأمور الخطيرة يرويها عمر الشريف، وكأنه يحكي لك عن فيلم شاهده مساء أمس.. ولا يرويها خلال يومين مرة واحدة، بل مرات.. ويرويها فيما يحدثك عن مشاريعه المقبلة، «فالمشاريع كثيرة والحمد لله».. وعن الأفلام التي يحبها «مع أنني لم أشاهد أي فيلم خلال العشرين سنة الأخيرة» وعن يوسف شاهين الذي «اختارني لبطولة «صراع في الوادي» وأنا في الثانية والعشرين فغير لي حياتي» وعن أحمد رمزي وعن بيتر أوتول «أنه من أعز أصدقائي». وإذ يقف النجم العالمي بين جملة وأخري ليتصور مع شبان وصبايا وعائلات كانوا يدهشون إذ يكتشفون وجوده هنا يقول معلقاً بعد كل صورة «أنا أحب الناس.. صحيح أنني في القاهرة أعيش اليوم وحيداً.. لكنني في كل مرة، أحب أن أنزل إلي المناطق الشعبية، لأختلط بالناس والتحدث إليهم وأسمعهم»، وإذ يقول هذه الكلمة الأخيرة ينظر بدهشة ناتجة من دهشة محدثه، الذي يكون هنا قد وصل إلي السؤال الحاسم.. ولكن لماذا فعل عمر الشريف كل هذا خلال يومين، باستثناء الاستماع إلي رفاقه في الفندق والمطعم والندوة؟

وبغض النظر إذا كان العريس يحب أو يكره عمر الشريف كنت أتوقع أن يكتب عنه من وجهة نظره ككاتب وناقد ينتقده في أعماله، لكن ليس بالطريقة التي صوره بها، كما أنه لم يراع أن أي إنسان عندما يصل لمثل عمر «الشريف» الآن، قد ينسي في أوقات كثيرة أو ينسي أنه حكي نفس الحكايات من قبل ذلك مرات عديدة.

في النهاية، إننا نحب عمر الشريف بشخصيته وعفويته حتي ولو كان يحكي حكاياته عشرات المرات.

روز اليوسف اليومية في

31/03/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)