حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

توفي منتحراً في ظروف غامضة قبل 5 سنوات

أومبير بالسان منتج فرنسي خدم السينما العربية

محمد رُضا

من بين الأفلام السبعة والعشرين التي يعرضها مهرجان “مخرجون جدد/ أفلام جديدة” في نيويورك المنطلق هذا الأسبوع، فيلم فرنسي بعنوان “والد أولادي” لمخرجة جديدة اسمها ميا هانسن لَ . وسبب خصوصيّته، أنه يتناول حياة وموت المنتج السينمائي، أومبير بالسان الذي توفّي منتحراً قبل خمس سنوات لأسباب لا تزال مثار أقاويل وتفسيرات مختلفة . الاسم قد لا يبدو غريباً لعدد منّا كونه غمس يديه في السينما العربية، او بعضها على الأقل . هو المنتج الفرنسي لخمسة أفلام من إخراج يوسف شاهين هي “وداعاً بونابرت” (1985) و”المهاجر” (1994) و”المصير” (1997) و”سكوت هنصوّر” (2001) ثم “الإسكندرية . . . نيويورك” (2004) . كذلك أنتج أربعة أفلام للمخرج يسري نصر الله هي على التوالي “مرسيدس” (1993) والفيلم التسجيلي “صبيان وبنات” (1995) و”المدينة” (1999) و”باب الشمس” (2005) والأخير مأخوذ عن رواية الكاتب الفلسطيني الياس خوري بالعنوان نفسه التي تتبعت أحداث 1948 ثم ما تلاها من نكسات الوضع الفلسطيني والحرب الأهلية في لبنان (ولو لُماماً) .

لجانب شاهين ونصر الله، أنتج أومبير أفلاماً لخمسة سينمائيين عرب آخرين . هو الذي وقف وراء فيلم مارون بغدادي “الرجل المحجّب” سنة 1987 وانتج للمخرج الفلسطيني إيليا سليمان فيلمه “يد إلهية” سنة 2002 ثم تلا ذلك بفيلم انتج للمغربي اسماعيل فروخي فيلمه الطويل الأول “الرحلة الكبرى” في العام 2004 وحين احتاج المخرج المصري محمد كامل القليوبي التمويل اللازم لتحقيق فيلمه الوثائقي عن “روز اليوسف”، وسمّاه بالفعل “أسطورة روز اليوسف” انبرى بالسان للمهمّة وساعده على إنجاز الفيلم . وفي سنة 2003 أنتج مع ماريان خوري فيلماً وثائقياً آخر هو “سيدة القصر” الذي حققه اللبناني سمير حبشي . ولم تتوقّف إنتاجات بالسان على السينمات العربية . في تاريخ مهنته منتجاً الذي امتد من منتصف الثمانينات الى حين وفاته سنة 2005 ارتبط اسمه بفيلمين من إخراج الأمريكي الذي يعيش ويعمل في لندن جيمس أيفوري هما “جفرسون في باريس”، سنة 1995 و”النجاة من بيكاسو” سنة ،1996 كذلك فإن آخر أفلامه هو “رجل من لندن” للمخرج المجري بيلا تار، وقبله أنجز فيلم الدنماركي لارس فون ترايير وعنوانه “ماندرلاي”، الذي كشأن العديد من أفلامه مع مخرجين غير فرنسيين، عرض في مهرجان “كان”، من بين مهرجانات أخرى . لم يبدأ بالسان حياته منتجاً . جاء من عائلة ارستقراطية وصناعية ودرس التجارة لكنه أقدم على التمثيل وأول أدواره كانت في فيلم من إخراج روبير بريسون بعنوان “لانسيلوت البحيرة” سنة 1973 لكن ومن دون سبر مراحل حياته، فإن بالسان منتجاً كان غارقاً في مشاريعه وطموحاته وتردد أن معظم ما أنجزه في السنوات الخمس الأخيرة لم يحقق إيرادات تفي بتغطية تكاليفه (بما في ذلك فيلم نصر الله “باب الشمس” وفيلم بيلا تار “رجل من لندن”، ما دفعه في النهاية لاختيار الانتحار طريقاً للنفاذ من شعوره بالإحباط واليأس .

المخرجة ميا هانسن-ل لا تستخدم اسم بالسان في فيلمها بل تمنحه اسم غريغوري كانفيل ويؤديه لويس دو دي لنكويسانك، من وجوه التسعينات . ونراه في الفيلم وهو رب عائلة سعيدة، يصرف الويك-إند بجانبها ولديه ثلاثة أولاد وامرأة جميلة ويعمل في المهنة التي أحبّها وأخلص لها: السينما . لكن الغيوم تلبّد حياته بالتدريج الى أن يختار الرحيل . هذا الرحيل يقع في منتصف الفيلم تقريباً ما يمنح المخرجة (وبالسان وقف وراء العديد من المخرجات الفرنسيات في تاريخه) الفرصة لتتناول غياب بطلها عن عائلته وتأثير ذلك على أفرادها . يعزز الفيلم الاعتقاد السائد أن المنتج الراحل كان سخيّاً في موافقاته على تمويل أفلام لم يكن متأكّداً من أن الجمهور ينتظرها . لكن المخرجة لا تتعامل مع هذا المنحى كما لو كان سقوطاً او طيشاً، بل تبرز جانب الطموح الفني الذي كان يدفع بالسان الى الالتزام بالسينما ذات المستوى الفني وبالمخرجين الطامحين لإنجاز أعمال تعني شيئاً فريداً له ولهواة السينما . لا ننسى أن فيلم ايليا سليمان “يد إلهية” كان أوّل فيلم يحمل اسم فلسطين في مهرجان كان السينمائي الدولي وذلك سنة ،2002 حيث فاز بجائزة لجنة التحكيم وبجائزة الاتحاد الدولي لنقاد السينما . كما كان الفضل في ذلك للمخرج الفلسطيني الذي قادته موهبته لتقديم عمله بقالب فني لافت، كان جزءاً كبيراً من الفضل ذاته يعود الى ذلك المنتج الذي أتاح له الفرصة في نهاية المطاف .

 

أفضلها التركي "عسل".. المسلم محور 3 أفلام جديدة

ثلاثة أفلام جديدة عرضت مطلع هذا العام، تبحث في وجوه المسلم وحياته . في الفيلم الألماني “شهادة”، للمخرج الأفغاني الأصل برهان قرباني، نتعرّف الى شخصيات مسلمة محورية تعيش في برلين لكن من دون أن يجمعها مفهوم حياة معيّن، لمعينها الإسلامي . التحري المنفتح المتزوّج من ألمانية، الذائب في مقتضيات البيئة كاملاً، يعاود الالتقاء بفتاة بوسنية مسلمة كان أطلق النار عليها خطأ في حادثة سابقة، فيشعر صوبها بتأنيب الضمير . في الموازاة عاملة مصنع من المهاجرين الأتراك متحررة تماماً الى أن تجد نفسها فريسة للخطيئة وتقدم تفسيراً ذاتياً لمعاني الخطيئة والذنب والغفران، مشدودة الى ممارسة الشعائر الإسلامية . في قصّة ثالثة ينتقل اليها الفيلم خلال عرضه لشخصيات وحكاياته في تداخلات منسجمة قصّة مسلم من أصول أفريقية تناديه الرغبة في ممارسة الفاحشة مع شاب، ثم يتوب ويحاول مقاومة الانجراف في الخطأ ذاته مرّة أخرى . إذ ينتقل الفيلم بين خطوطه ويسمح لبعض شخصيات كل قصّة بلقاء، ولو عابر بشخصيات أخرى، يجهد لطرح تلك الصور المختلفة ليتحدث عن اختلافاتها كما عن توهان أصحابها . فيلم “على الدرب” للمخرجة البوسنية ياسميلا زبانيتش يتعرّض لجانب مشابه: بطلاه زوجان مسلمان من البوسنية في فترة ما بعد الحرب العرقية يعيشان معاً بسعادة ويمارسان حياتهما بانفتاح ملحوظ معبّر عنه بالشرب ودخول المراقص وما تيسر من صور الحياة العصرية . فجأة يلتقي الزوج، وقد طُرد من عمله كمراقب جوّي في مطار المدينة بسبب مزجه القهوة بالكحول، بصديق قديم ملتح وبزوجته المحجّبة . في البداية لا يشكّل هذا اللقاء أي أهمية، لكن حين يقصد بطل الفيلم صديقه المتديّن يبدأ بتعريض نفسه لمتغيّرات من نوع العودة الى الأصول . لا دليل أن الجماعة التي ينتمي اليها الصديق إرهابية، ولا يقصد الفيلم أن يصفها بذلك، لكنها جماعة متطرّفة في ممارساتها والزوجة المدهوشة من سرعة تحوّل زوجها الى الإسلام، تحاول جذبه والعودة به الى سابق عهدها به . لكنه يمانع أوّلاً، ثم يبدأ بفرض الطلبات بعد ذلك ما يضعها في مواجهة ضرورة طلاقهما . تجد المخرجة زبانيتش مفتاح قضيّتها لكنها لا تفتح به كل الأبواب الممكنة حول الموضوع بل تصل الى حيث ترسم نهاية بلا قرار . الفيلم الأفضل هو التركي “عسل” الذي فاز مؤخراً بجائزة مهرجان برلين السينمائي الدولي . ليس فيلماً عن موقع الدين في الحياة، لكنه مليء بالصور الواقعية الجميلة للبيئة الإسلامية في الوقت ذاته، إنه عن صبي يعيش في قرية تكمن في جبال آسيوية تبدو معزولة . عالم قائم بحد ذاته، وحسب تعبير ناقد ألماني، “قريب جدّاً منا وبعيد جدّاً منّا في وقت واحد” . والده يعمل في جمع العسل من الخلايا التي يزرعها في أعالي أشجار المنطقة . في مطلع الفيلم نراه وحصانه في قلب الغابة يختار شجرة . يرمي الحبل على أحد أذرعها ويبدأ بالتسلّق ليصل الى الخلية . في منتصف الطريق على تلك الشجرة الطويلة المنتصبة بلا نتوءات او انحرافات، ينكسر الغصن الذي علق الحبل به ويجد الأب نفسه بين السماء والأرض لا يستطيع الحركة لئلاً ينفصل الغصن عن الشجرة ويسقط الرجل من ذلك العلو الشاهق .

البداية وحدها آسرة، لكن الفيلم بعد ذلك لا يقل في مطارح عدّة وقعاً عائداً بزمنه الى ما قبل الحادثة التي يشكّل منها الفيلم بدايته متابعين قصّة ابن جامع العسل قبل الحادثة في البيت وفي المدرسة وفي البيئة القروية التي يعيش فيها . اليوم الذي يقرر فيه الأستاذ منحه وسام تقدير لا يستحقّه تشجيعاً له على تجاوز عثراته في نطقه وقراءته الناتجة عن شعوره الدائم بالعزلة الداخلية، هو اليوم الذي يعود فيه الى البيت ليسمع من الشرطي فشل البوليس في العثور على أبوه . يرمي بحقيبته أرضاً وينطلق الى الغابات الكثيفة يهديه الى الطريق صقر كان أبوه قد ربّاه . لكن اللقطة الأخيرة للصبي وهو جالس مستند الى جذع شجرة وقد هبط الليل وساد الصمت وانتشر الظلام الداكن لا توحي بأنه وجد والده . فقط تقترح مزيداً من نشأة الصبي المعزولة . هناك مشاهد صلاة ومشاهد تلاوة ومشاهد تتداول فيها النساء سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلّم، وكلها تسهم في تأليف الصورة الواقعية بخيوط روحانية قلّما نراها على الشاشة هذه الأيام .

 

علامات

برينس أول مخرج سينمائي

صاحب أول فيلم لا يزال متوفّراً ويمكن مشاهدته على موقع غوغل هو الفرنسي لويس لو برينس المولود سنة 1842 والمتوفّى عن 48 سنة في العام 1890 هو فرنسي واسمه الكامل لوي آيمي أغوستين لو برينس . في سنة 1888 أنجز أول فيلم في التاريخ تم تصويره على شريط واحد باستخدام كاميرا واحدة، أي على المبدأ الذي لا تزال معظم الأفلام سائرة عليه حتى اليوم . عاش فترة طويلة من حياته في مدينة ليدز البريطانية وتزوّج، وفي أكتوبر/ تشرين الأول من العام المذكور صوّر فيلمه الأول (Roundhay Garden Scene) “مشهد لحديقة راوندهاي” الذي ينص على ما يوفّره العنوان: مجموعة من الرجال والنساء يسيرون في الحديقة . وثمّة مفارقات مهمّة لابد من ملاحظتها: الفيلم في الأساس زمنه نحو 20 ثانية لم يبق منه الا ثانيتان . خلال مدّته الأصلية طلب المخرج من تلك المجموعة الحركة، أي أنه أدارهم تمثيلياً . لكن بما أنه ليست هناك من قصّة فإن المزيج هو تسجيلي/ روائي . كذلك فإنه غاب طويلاً عن المؤرخين الأجانب، ولا يزال غائباً عن المؤرخين والنقاد العرب، أن لو برينس هو أول من أخرج فيلماً وليس توماس أديسون الأمريكي او أوغوست ولويس لوميير الفرنسيين . أديسون أخرج أول فيلم له سنة 1891 والأخوين لوميير سنة 1892 . حياة لوي لو برينس انتهت بلغز غريب جدّاً، ففي السادس عشر من سبتمبر/ أيلول ركب القطار من محطة ديجون الفرنسية متوجّهاً الى باريس في قطار الساعة الثانية و42 دقيقة . القطار وصل الى محطة غار دي نورد ولم يكن لو برينس عليه . فتّش البوليس عن جثّته على طول خط السكة بين المدينتين ولم يجد شيئاً . ولم يجد كذلك حتى الحقيبة التي يحملها . واحدة من النظريات أنه قتل وكانت حادثة قتل في قطار وقعت في فرنسا في العام الأسبق، وتم إخفاء الجثّة في صندوق ومضى وقت طويل قبل إلقاء القبض على المتّهمين .

لكن هناك نظرية أخرى تقول إنه من الممكن أن يكون لو برينس انتحر لأنه كان على شفير الإفلاس، لكن هذا لا يفسّر اختفاء الجثّة . نظرية ثالثة تقول إنه اغتيل، والقائل بهذه النظرية هو المؤرخ كريستوفر لورنس الذي أصدر كتابا وحقق فيلماً بعنوان “البكرة المختفية” حول حياة وموت لو برينس . حسب نظريّته، حورب من قبل جماعة أديسون في نيويورك الذين أرادوا الأسبقية في اختراع الجهاز السينمائي الأول، ولو برينس يوم اختفائه كان في طريقه الى باريس ومنها الى نيويورك لتسجيل اختراعه قانونياً . باختفائه غابت اولويّته تلك، لاحقاً، بعد سنوات قليلة، ما وُجد ابنه الأكبر أدولف، “منتحراً” في فندق في نيويورك بعدما كان استدعي للإدلاء بشهادته حول أحقيّة والده في اختراعه .

اللغز بقي عالقا منذ ذلك الحين والأرجح أنه سيبقى للأبد، لكن المؤكد أن الفيلم السينمائي الأول، هو من صنع هذا المخترع الفرنسي الذي لم يسعفه القدر في تثبيت اختراعه ولو أن التاريخ اعترف له بأسبقيّته تلك .

م .ر

merci4404@earthlink.net

http://shadowsandphantoms.blogspot.com

الخليح الإماراتية في

28/03/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)