حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

السينما المصرية في الإمارات وجبة غير طازجة

دبي - أسامة عسل

بنظرة سريعة على واقع الحال في برامج وجداول صالات السينما المحلية، يتضح أن فيلم «الفرح» الذي بدأ عرضه هذا اليوم طرح منذ أكثر من عشرة شهور، وأن فيلم «أمير البحار» للنجم محمد هنيدي الذي يعتبر الأحدث وصل إلينا بعد عرضه ب6 شهور، والوضع نفسه ينطبق على «ولاد العم»، وأن أعمالاً مثل «إحنا اتقابلنا قبل كده» و«بدل فاقد» و«ابقي قابلني» والتي دخلت خريطة الشهور الماضية عرضت بعد ميعادها بعام كامل، بل الأغرب أن تسبق محطات فضائية في عرض فيلم «رامي الاعتصامي» وعلى الرغم من ذلك نجده بعدها بأسبوع يعلن عن عرضه في قاعات السينما، دون النظر إلى إقبال الجمهور عليه أو إحجامهم عنه!.

تأخير عرض الأفلام المصرية في صالات السينما بالإمارات ومواكبتها لوقت صدورها في القاهرة، مشكلة مستمرة، وتزداد تفاقماً موسماً بعد آخر، ومن عام إلى عام. وما يثير الدهشة والاستياء تعمد العناصر والأطراف المسؤولة عن هذا الموضوع الدخول به إلى حلقة مفرغة، يدور الجميع والجمهور فيها، من دون الحصول على رد مقنع، أو قرار يجيب عن تساؤل: لماذا تنجح دور العرض في جلب الأفلام العالمية في التوقيتات الصحيحة وتفشل في إنجاز الشيء نفسه مع السينما المصرية؟.

أسباب الظاهرة... في رأي النقاد والراصدين يكمن السبب الأساسي وراء هذه الظاهرة، في أسلوب التوزيع والإصرار على البيع بـ «الجملة والقطاعي» لمجموعة من الأفلام لمختلف دول الخليج، حيث تدخل شركات التوزيع المصرية في مساومات مع من يرغب في شراء هذه «البيعة»، وتكون النتيجة بالطبع فوات الوقت وضياع المواسم المهمة وتأخير عرض الأفلام وعدم الاستفادة من الحملات الإعلانية التي تسبق وتواكب هذه الأفلام، فالطرف الذي يشتري هذه الأعمال خليجياً يعنيه الحصول عليها بسعر مناسب بعد أن يكون قد اطلع على مدى نجاحها الجماهيري في السوق المصرية، ويعتبر أن عملية التأخير في الشراء تمثل عامل ضغط على أصحاب هذه الأفلام، قد يدفعهم إلى القبول بالسعر المعروض خوفاً من قرصنتها وتسربها بعد عرضها على اسطوانات ال.DVD.

البيع القطاعي... يرى جان راميا مدير أعمال في شركة «جلف فيلم» البوابة الرئيسية لأي نشاط سينمائي جديد في الإمارات والخليج، أن كبريات شركات السينما العالمية تتبع أسلوب التوزيع على أساس الحصول على حصة من إيرادات الأفلام، بينما تصر شركات الإنتاج والتوزيع المصرية على اتباع طريقة البيع بـ «الجملة والقطاعي» لأفلامها، بغض النظر عن إيراداتها الحقيقية. وهي تفعل ذلك من وجهة نظرها لتحمي حقوقها التي تعتقد بأنها قد لا تحصل عليها كاملة نتيجة الخوف من التلاعب في الإيرادات، وهو اعتقاد لا يواكب آليات العصر، فكل دور العرض تتبع أسلوب بيع التذاكر عن طريق الكمبيوتر الذي يسجل بشكل فوري عدد التذاكر المباعة لكل فيلم، والتي تظهر على الفور على مواقع الشركات صاحبة دور العرض، دون أي تلاعب أو تأخير، كما أن معظم شركات دور العرض مساهمة، وليست شركات أفراد، وهي بالتالي خاضعة لنظام تدقيق محاسبي مشدد لا يسمح لها حتى لو أرادت أن تغير من الإيرادات أو عدد التذاكر المباعة، وقد جرى العرف أن يُرسَل تقرير يومي بالبريد الإلكتروني يرصد حركة البيع والشراء إلي الشركات صاحبة هذه الأفلام.

العرض الخارجي

ويوضح عبدالجليل حسن المتحدث باسم الشركة العربية للإنتاج والتوزيع أن العرض في دول الخليج يحقق بالطبع ربحاً للمنتج، الذي لا يكفيه أحياناً الإيراد الداخلي، أو لا يحقق طموحاته، وبالتالي يسعى لزيادة مكاسبه من العرض الخارجي.

مشيراً إلى أن الموزع الذي يتعاقد على الفيلم المصري في العادة لا يحصر عقده في عرضه بأي من الدول الخليجية، فليس هناك موزع للكويت وآخر للإمارات، وإنما الموزع يتعاقد على الفيلم لعرضه في كل دول الخليج، وهي سوق كبيرة، ومرددوها إيجابي ويحتاج إلى متابعة دقيقة.

ومن ثم فإن الموزع يفضل بيع الفيلم دون الدخول في قائمة طويلة، منها انتظار الإيرادات، وهذا الأسلوب أيضاً هو ما نحاول تطبيقه عندما نسعى إلى فتح أسواق جديدة في أوروبا مثلاً أو أي مكان آخر بالعالم، حرصاً على عدم الدخول في متاهة القرصنة، ودون تكلفة ترهق المنتج والموزع المصري.

ويضيف عبدالجليل: من المعروف أن هناك أعمالاً لنجوم بعينهم تجد صدى في الخليج ،وخصوصاً الأفلام الكوميدية لعادل إمام وهنيدي وأحمد حلمي ومحمد سعد، ونحرص على سرعة وصولها إلى هذه السوق، وفي المقابل هناك أفلام تحتاج إلى استنفاد دورتها أولاً في السوق المصرية، لطبيعة موضوعاتها وقضاياها، مثل «عزبة آدم» و«رسائل البحر» و«عصافير النيل».

انتشار الأسواق

أما الناقد المصري عصام زكريا فيرى أنه من الناحية التجارية فإن المنتج والموزع يبحثان عن أية زيادة في الإيراد بالعرض في دول الخليج عموماً، وليس الإمارات فقط، لكنه يؤكد أن مصر تمتلك سوقاً داخلية قوية للأفلام، ولا تعتمد على العرض الخارجي كمصدر أساسي لدخل الفيلم، وبالتالي - والحديث على لسان زكريا-: «لا يكون المنتج والموزع المصريان مضطرين للشروط التي يحددونها في الخليج.

كما حدث في الفترة التي انهارت فيها دور العرض المصرية والسوق المحلية»، داعياً من يسعى إلى العرض الخارجي إلى البحث عن أسواق في أوروبا وبلاد أخرى مثل تونس ولبنان وتركيا، لتوسيع انتشار سوق الفيلم المصري، حتى يفرض شروطه دون الخضوع لآليات وأساليب تجعل عروضه متأخرة.

زيادة التأخير

وتوافقاً مع هذا الرأي، أكد المنتج جمال العدل أن شركات التوزيع المصرية مالكة هذه الأفلام تعتبر التأخير في عرضها خليجياً لا يسبب أي ضرر لمصالحها، حيث إنها لا تهتم إلا بالحصول على السعر الذي حددته، بغض النظر عن تحقيق إيرادات جيدة من عدمه، لأنها تغطي من السوق المصرية الربح المطلوب.

كما يرى أن بيع مجموعه مهمة من الأفلام إلى شركة توزيع واحدة يدفع هذه الشركات للتعنت في أسعار وشروط توزيع هذه الأفلام في الخليج، ومن ثم الدخول في سلسلة من المساومات التي تضيع مزيدا من الوقت وتسبب زيادة في التأخير.

خطة مستقبلية

واستثناء للتشدد الذي رصدناه، تشهد صالات السينما بالإمارات افتتاح قليل من الأفلام المصرية بحضور أبطالها أو غيابهم، مثلما حدث مع فيلم «دكان شحاتة» الذي حضره المخرج خالد يوسف وأبطال عمله، و«السفاح» الذي غاب عنه المخرج سعد هنداوي ونجوم فيلمه.

وعن رأيه في توزيع وعرض الأفلام المصرية خليجياً، يعتقد خالد يوسف أن الموضوع بكامله يحتاج إلي إعادة نظر.

ويفرض على كل من المنتجين والموزعين المصريين والخليجيين أن يجلسوا معاً لوضع تصور واقعي وخطة مستقبلية عن طريق دراسة جيدة لكل الأسواق تعمل على إنهاء هذه الأزمة، ليصبح من الممكن مشاهدة هذه الأفلام في نفس توقيت عرضها في القاهرة، أو بعد عرضها تجارياً بأسبوعين، بما يضمن تصنيفاً لنوعيات الأفلام في التوزيع الخارجي، وتقسيمها لفئات طبقا لمواصفات الإنتاج، وتسعيرها طبقاً لهذا التصنيف، الذي سيسهم في اختزال دورة رأس المال في التوزيع من عام إلى ستة أشهر ويحقق الربح للجميع.

قرار صائب

هل انتهت المشكلة؟ .. الواقع يؤكد استمرارية وجودها، وأطرافها حصروها في حيز الكلام لا التطبيق، والجمهور وقف متفرجاً بحكم العادة على هذه الأزمة التي يرى أنها «من دون لازمة»، وكأنها فيلم لا نهاية له، يحتاج إلى قرار صائب يعود بالنفع على الجميع، وخصوصاً عشاق الأفلام العربية، وموضوعاتها الأقرب إلى ذائقته، والأكثر اهتماما بمشاكله،، والمعبرة عن همومه وأحلامه وقضاياه.

البيان الإماراتية في

21/01/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)