حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

"إسمي خان" يُبلغ رسالة إلى الغرب بأنّ المسلمين ليسوا إرهابيين في صياغة مشهدية جاذبة

محمد حجازي

البعض تذكّر شهرة فيلم "سلامدوغ مليونير" حاصد الإيرادات والأوسكارات من صميم الهند ومجتمعها

زحام على الصالات التي تعرضه عالمياً خصوصاً أنّ كل مشاهده صُوِّرت في كاليفورنيا···

عليك أن تحجز مقعدك في أي صالة باكستانية تعرض الفيلم قبل 48 ساعة، وإلا فكل محاولاتك ستبوء بالفشل الذريع، بينما برمجة الشريط في عدد من الدول الأوروبية تطرحه على الشاشات في 25 الجاري·

(My Name Is Khan) إخراج وإنتاج كاران جوهار، نص شيباني باتيجا، ونيرانجان ليانغار، ومناخٌ مدروسٌ جيداً منذ اللحظة الأولى، صُوِّر في كاليفورنيا مع 8 مساعدي مخرج، حيث الـcast بأكمله من الهنود، وهذا جزء جميل من الإنتاج (Dharma productions) لشريط مدّته ساعتان وأربع دقائق·

ميلودراما يحافظ الفيلم على إيقاعه الهندي، ويبدأ من مناخ تقليدي يرصد الحياة العادية في أحد الأحياء وامرأة الطيفة هي راضية (شيتال منيون) تُربّي طفلين زكريا ورضوان، الثاني هو موضوع الفيلم لأنه مُصاب بمرض التوحّد أو ما يُعرف علمياً بمتلازمة إسبرغر، كونه يخاف من الأماكن والوجوه الجديدة، ولا يحب اللون الأصفر، وتضايقه كثيراً الأصوات العالية·

رضوان خان (شاروك خان) يكبر بعدما علّمته والدته على الأصول والمبادئ وأخذته إلى أحد المثقّفين في الحي، فأعطاه من معرفته، وعندما توفيت الوالدة وكان زكريا سافر قبل ذلك بفترة إلى سان فرنسيسكو في أميركا لم يجد هذا الشاب بُدّاً من اللحاق بشقيقه إلى هناك، حاملاً معه مرض التوحّد الذي يوقعه في العديد من المُفارقات المُضحكة والُمحرجة مع الأميركيين، خصوصاً أنّه مؤمن، ولا يحسب حساباً لما يفعله في أي مكان، وقد تسبّب من خلال ترديده لعبارة: الحمد لله رب العالمين، وأستغفر الله، والله أكبر، بلفت انتباه الأميركيين، الذين أبلغوا عنه السلطات الأمنية على أساس أنّه إرهابي طالما أنّه يكرّر هذه العبارات الإيمانية المسلمة، فكان عليه بعد التحقيق معه ومعرفة أنّه يريد لقاء الرئيس الأميركي، أن تكون في جعبته عبارة واحدة:

إسمي خان وأنا لست إرهابياً·

رئيسان أراد رضوان إبلاغ هذه العبارة إلى الرئيس جورج بوش الإبن، لكن ظروفاً مختلفة عاكسته، فذهب الحدث إلى باراك أوباما الذي استدعاه خلال أحد احتفالاته الانتخابية بعد فوزه بمنصب الرئيس، وأبلغه بأنّه يعرفه من خلال شاشات التلفزة، وأنّه يقدّره ويعرف أوباما (يؤدي دوره كريستوفر ب· دانكان) أن رضوان خان، اتصل مرة بالـ <أف بي آي> وأبلغهم بأنّ هناك متطرّفاً مسلماً يُدعى فيصل رحمن (عريف زكريا) جمع عدداً من الشباب الملتحين بأحد المساجد وراح يؤلّبهم على الأميركيين، وأنّه يعتبره خطراً على البلاد· لقاؤه بأوباما، الذي كان يُبث مباشرة على الهواء خدمه كثيراً، على الأقل في إطار استرجاع زوجته مانديرا (كاجول) الهندوسية التي تعرّف عليها مُطلّقة ولها ابن يُدعى سمير، له أصدقاء كثر من بين الأميركيين، لكن اعتداءات نيويورك بدّلت كل شيء، وإذا بالأجواء العنصرية، الانتقامية تظهر حتى عند الصغار، وإذا بسمير يروح ضحية هذا المناخ عندما ضربه رفاقه الأميركيون حتى الموت، وكان ردّ فعل مانديرا مفاجئاً فهي أبلغت رضوان بأنّه لولا زواجه بها لكان ابنها بخير، وعائلة خان المسلمة هي التي تسبّبت في اعتقاد الأميركيين بأنّ ابنها مسلم وليس هندوسياً، فقد كان نجا، لو بقي على اسم والده سمير راثور·

إذن تعدّل هذا المناخ بعد الضجة التي أثارها رضوان في وسائل الإعلام خصوصاً عندما تم التذكير بأنه ساعد أهالي ويلهمينا - ولاية جورجيا، حين اجتاحتها فيضانات، فقدّم مساعدات للأهالي خصوصاً الأم جنيي (جنيفر إيكونر) وهي صورة توصل رسالة الى الأميركيين، وإلى الآخرين عموماً بأنّ بين المسلمين كثراً يريدون الخير للناس وبينهم رضوان·

وكانت زوجة شقيق رضوان وتُدعى حسنية، تعمل أستاذة علم نفس في الجامعة، وقد تعرّض لها بعض الطلبة ونزعوا حجابها من الخلف، ودفعوها كي تقع أرضاً·

ويُعطي الفيلم بعض المبرّرات للأميركيين حين يفسّر سبب تغيّر مشاعر العائلة الأميركية من صديقتها المسلمة بخسارة الأولى لمعيلها في حرب أفغانستان مع ما يرتبط ذلك بالإسلام من صلة·

أفق يعبّر الفيلم بسلاسة، وبدون ادّعاء، أو خطابية، ويوصل رسائله العديدة بيسر وإلفة، لأن صانعيه يعرفون أنّ الغرب لا يفهم بالصراخ واللافتات، والقبضات، ورفع الأسلحة في وجوههم، فهم أهل منطق، وبالمنطق بالإمكان استمالتهم وتطوير العلاقة الراقية بهم، بدل هذا الضجيج الذي يعلو دائماً فلا نفهم عليهم ولا يفهمون ماذا نريد·

لم يحذّر الفيلم من الكلام عن الوحدة داخل الهند، فها هو يزوّج هندوسية لمسلم، ثم يدفع بالمسلم كي يقدّم خدمات إنسانية إلى المحتاجين، ثم يريد عبر بطله رضوان إبلاغ الدنيا كلها بأنّ <اسمي خان ولست إرهابياً>، يعني أنّ الفيلم لا يخبّئ نيّته، بل شهرها، وقال إنّ الغاية من هذه المشهدية اللافتة على مدى ساعتين وأربع دقائق، هو إقناع الغرب بأنّ المسلمين ليسوا إرهابيين: الرسالة وصلت، والفيلم وصل·

اللواء اللبنانية في

16/03/2010

نقد

(Shutter Island) آخر أعمال سكورسيزي وأقلّها إثارة للإعجاب

استذكار مستشفى نازي وقلب أدوار الشخصيات من دون جاذب فني···

محمد حجازي

اعتدنا على أفلام سكورسيزي مفخّخة بالحركة، بالديناميكية، وبذكاء الموضوع وتداخله، ثم الخروج إلى فضاء واسع من التأويلات مع تأثير عميق يحضر في أرجاء النفس ويُسعدها، لكنّه مع (Shutter Island) لم يكن كذك·

كلام كثير، بُطء شديد، واعتماد على ما هو مُضمر في ضمائر أبطال الفيلم الأربعة، وأقواهم تعبيراً بن كنغسلي في شخصية الدكتور كولاي المشرف إبان الحرب الثانية، على مستشفى نازي منعزل فوق جزيرة بعيدة (صوّر الفيلم في Acadia National Park, Barharbor, Maine، تضم سجناء من القتلة والمرضى، والذين أبُعدِوا عن الحياة العامة لاستغلال ما يستهلكونه لسواهم في الحياة الصعبة جداً، إثر معارك طاحنة وانتشار الحرب في ارجاء العالم·

ثلاثة غير منفتحين على بعضهم البعض: الدكتور كولاي غامض، غاضب، لا تعابير تظهر على وجهه انطلاقاً من الشخصية التي يلعبها ويركّز فيها مثل كل رجال المخابرات على إخفاء مشاعره الحقيقية وهو يتحدث، بحيث لا يواجه، ولا ينفي ولا يؤكد، إنّه يأخذ محدّثه على قدر ما يُريحه، لذا كانت الحوارات بينه وبين تيدي دانيال (ليوناردو دي كابريو) قمة في الغموض، فكولاي المتهم بالكثير من الممارسات، له موقف قوي، يسيطر من خلاله على رجل التحرّي هذا، الذي يبدو ضعيفاً تائهاً لا يُدرك عمله الفعلي ولماذا هو هنا·

هذه الصورة وبنسبة سلبية أكثر، تبدو على مساعده شاك أول (مارك روفالو) الذي يراقب بثقة ولا يتضايق من قلّة كلامه، ومداخلاته خلال أي تطوّر، بل يبدو وكأنه آمن وضامن لدورٍ آخر له، إذ يتأكد لاحقاً أنّه عميل مزدوج للمستشفى - السجن، وبالتالي كولاي، إضافة إلى عمله في سلك التحري والتحقيقات، حيث نشهد تحوّلاً في توجيه الاتهامات، فبدل أن تكون جين دانيالز ضد كولاي باتت مقلوبة، وقام كولاي بإفهام الأول بأنّه هو نفسه المجرم في الجريمة التي راح ضحيتها ثلاثة أولاد·

ويتعاون الثلاثة كولاي، أول، والدكتور ناورينغ (ماكس فون سيدو) على إسقاط دانيالز بالضربة القاضية، وبعدما بدا ممسكاً بقوة بالخيوط والأحداث، إذ هو مطاطئ الرأس وتُذكر الحقائق أمامه كما هي، ويبدو فيها هو نفسه وليس أحد غيره الفاعل المجرم·

إسم عربي في فريق الفيلم: زياد عقل، ومعلومات قليلة جداً عنه·

ورغم كثرة الشخصيات المأخوذة كما هي من كتاب لـ دينيس لوهان، والتي أضاء عليها السيناريو مع لاتيا كالوغريديس، فإن سكورسيزي حاول على مدى الفيلم (ساعتان و18 دقيقة) أن يظلّ عنصر الغموض، مسيطراً، أملاً في الكشف لاحقاً عن الصورة الموضوعة بالمقلوب·

تفاصيل الحياة النازية، والطبيعة القاسية، والناس من دون ملامح واضحة تنطلق إلى الصدارة، لكن لا توجد أحداث بالإمكان الركون إليها والقياس عليها من أجل الإمساك بالفيلم والقيادة معه إلى آخر شوط العرض، بصراحة لقد أصابنا الملل في مفاصل كثيرة، وشعرنا كما لو أننا أمام عمل إذاعي يتواجه فيه الممثلون بالحوارات المملة، مع كثرة في الكلام وقلة أثر في المعنى·

مع ذلك تبقى الصورة لـ سكورسيزي، لكن لا بأس فهذا الكبير لم يمتعنا كعادته، ولم نكن معه بالقدر الذي عودنا عليه، أهو الموضوع·· أم هو المخرج؟! لا جواب·

اللواء اللبنانية في

16/03/2010

زوم

درس سينمائي هندي اخترق أميركا·· التي أحبّته···

محمد حجازي

على مدى تسع سنوات أعقبت هجمات أيلول/ سبتمبر 2001 لم يستطع العرب أن يقدّموا شريطاً سينمائياً واحداً يقول لغرب هذا العالم بأنّ الإسلام دين راقٍ، مسالمٍ، وبعيد عن الإرهاب، الصفة التي أُلصقت به بعد اعتداءات نيويورك، وما جرّته لاحقاً من دمار في العراق، وأفغانستان وبالإمكان إضافة لبنان إلى هذا المحور بفعل ضربات العام 2006 الإسرائيلية ضد لبنان·

بعد كل هذه المدة جاءت التباشير من الهند·· فهند <المليونير المتشرّد> الفيلم الذي شغل العالم، عادت من خلال الفيلم الجديد <إسمي خان> لترصد مواجهة الرجل المسلم في الشارع الأميركي، وكيف واجه هو هذا الواقع!

لكن الجميل في الشريط الجديد أنّه يقول كل ما نردّده للأميركيين، ويُتيح الفرصة لهم كي يقولوا ما يُريدون عنّا، حتى حقدهم يظهر، لكن في المقابل قام مُسلم بلعب دور حقيقي وتجوّل في الشوارع الأميركية، أُهين، وقال ما عنده، لكنه أوصل رسلة·

مقالتنا، المستقلة هذه عن مقالة نقد الفيلم، تبتغي السؤال عن أُمّة العرب، لماذا لم تكن عندها الجرأة كي تقول شيئاً في فيلم سينمائي لكننا لم نفعل، فكنّا نتكلّم سياسة ليل نهار، وبرامجنا لا تكف عن إعطاء منبر للشامتين وقصيري النظر كي يزيدوا في تشويه صورتنا أمام العالم، أكثر ممّا هي غارقة في بحر من الوحول·

هذا شريط وصل إلى أميركا، وتعرضه صالات أوروبية وعالمية، وهذا يعني أنّ خصوصية الشريط جعلته جاذباً، وبالتالي ها هو يُطلب من كل البلدان، وماذا يريد فيلم كهذا أكثر من مشاركته موضوعه، وأن يتسلّم المشاهدون في كل بلد نسخة عن هذه الرسالة السينمائية المرئية·

وهذا يطرح قضية أخرى تشجّعنا على فتح الباب واسعاً على أفلام تقوّي حقيقتنا وتوصّلها إلى كل مكان في العالم الذي يرانا سلبيين، لا نحب السلام، وكل همّنا هو حمل السلاح ومقاتلة كل ما هو غير مسلم·

نعم هذه الصورة موجودة في الخارج ومهمّتنا المنطقية في السياق تعديلها، لأن شيئاً لا يكفي من خلال كثرة الكلام، الناس تريد صورة وتريد حدّوتة، تريد فيلماً يختصر كل هذا، ويصل مضمونه إلى عقل المشاهد الغربي لا بأس إذا ما طال القلب أيضاً عندها سنحقق ما يصبو إليه كل مسلم من تقديم حقيقته للعالم·

أهي الرقابات؟ أم هو جبن عند مخرجينا وكتّابنا ومنتجينا؟، فلا يستطيعون معه اتخاذ أي مبادرة تخدم الأمة كلّها، فنحن منذ زمن نتمنّى لو يصل واحد من أفلامنا التي تحمل رسالة حب منّا إلى العالم·· إلى كل البشر·

فهل يُعقل أنّ الدنيا خلت، حتى وصل الأمر بمخرج هندي كي يقدّم شريطاً يدافع فيه عن المسلمين، وكأنما ما من مخرجين عرب ولا منتجين ولا حتى فنانين من أمّتنا عندهم الإمكانية للقيام بهذه المهمة·· وكم حريّ بنا أن نشاهد الشريط ونتعلّم من التوازن الذي أوجده في صياغة الشخصيات وتعامله مع أدق التفاصيل بحكمة، فوصل المضمون، وتقاطرت الناس على شبابيك التذاكر لمتابعته·

المطلوب صناعة أفلام يشاهدها الغرب وليس نحن لأننا نقصدهم هم، ونريد منهم أن يعوا حقيقة ما نحن عليه، إذاً هناك مواصفات خاصة ومطلوبة، كي تصل مادّتنا إليهم، وإلا فما معنى أن نقدّم عملاً تافهاً وسطحياً يراه ناسنا فقط، ومن ثم لا أحد يأتي على ذكره في أي مكان·

ما فعله شريط <إسمي خان> تجاوزنا بكثير، واستطاع اللعب على الأوتار كلّها في آن واحد، من خلال عملية متوازنة نادرة الحدوث مع هذه النسب المدروسة من السماح والسلام وحب الآخر، واحترام معتقداته·

اللواء اللبنانية في

16/03/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)