حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

ثقافات / سينما

جذب كبار المنتجين ورفع عدد الأفلام الأجنبيّة المصوّرة فوق أرضه

المغرب... مختبر صناعة الأفلام العالميّة

أيمن بن التهامي من الدار البيضاء

على الرغم من داعيات الأزمة المالية العالمية، إلا أن استوديوهات ومناطق التصوير المفتوحة في المغرب، وخاصة بالجنوب، تفوّقت من حيث جذب كبار المنتجين العالميين على مدينة الإنتاج الإعلامي بمصر، وعلى مدينة الإعلام بدبي.

وتمكنت المملكة من استقطاب منتجين عالميين من أميركا وأوروبا وحتى مصر لتصوير أعمالهم، ما جعل إيرادات صناعة السينما بهذا البلد تحقق أرباحًا مهمّة، حتى لو أنها لم تكن قياسية كتلك التي سجلت في سنة 2008

2009.. بعد سنة استثنائية

بلغ عدد الأفلام السينمائية الطويلة والأفلام التلفزية الأجنبية المصورة بالمغرب، في سنة 2009، ثلاثين عملاً.
ووصل عدد رخص التصوير الممنوحة، في هذه الفترة، إلى 862 رخصة للمغاربة، في حين منحت 545 رخصة للأجانب.

كما جرت معالجة 20 فيلمًا طويلاً من مختبر المركز السينمائي المغربي،في حين بلغ عدد الأفلام القصيرة المعالجة في المختبر نفسه 55 فيلمًا.

وصورت بالمملكة أيضا، في الفترة نفسها، خمسة أفلام تلفزية هي "بوركا بور أمور الجزء الأول-" (إسبانيا)، و"فواياج" (فرنسا)، و"فواياج ذو غيف" (ألمانيا)، و"ليشابي بيل بريم 5" ( فرنسا)، و"ويدينغ ويد أوبستاكل" (ألمانيا). وبلغ عدد المسلسلات التلفزية التي صورت بمختلف مناطق المملكة ثمانية.

ووصلت استثمارات الأفلام السينمائية الطويلة والتلفزية الأجنبية المصورة بالمغرب، في سنة 2009، إلى أزيد من 400 مليون درهم، مقابل أزيد من 900 مليون درهم في سنة 2008، فيما وصلت الاستثمارات في سنة 2007 أزيد من 500 مليون درهم. 

انخفاض الاستثمارات في 2009، مقارنة بالسنة التي قبلها، أرجعه محمد باكريم، مسؤول التواصل بالمركز السينمائي المغربي، إلى تداعيات الأزمة المالية العالمية، التي قال إن المملكة صمدت في وجهها.

وأضاف محمد باكريم، في تصريح لـ "إيلاف"، "2009 جاءت بعد سنة استثنائية، إذ أن المكاسب كانت قليلة شيئا ما مقارنة مع 2008 بسبب الأزمة المالية العالمية"، مشيرا إلى أن "المملكة صمدت في وجه تأثيراتها، بل إن سلوكها كان أحسن من بعض الدول، التي تنفاسنا في هذا الجانب. ونحن نعرف أنه هناك دول صديقة وشقيقة، لا تنتظر التمويل الأجنبي، بل إنها تعطي أموالا ليجري تصوير أفلام أجنبية على أراضيها".

وأبرز مسؤول التواصل بالمركز أن "المغرب تمكن من تحمل تأثيرات الأزمة بحكم التجربة التي راكمتها شركات الإنتاج المحلية، وبحكم أن الاقتصاد الوطني عامة لم يتأثر بشكل كبير بتداعياتها".

وجرى في المغرب، في سنة 2009، تصوير الفيلم الأميركي "سات س 2_ فوربيدن إيكسبرينس" لمخرجه مايكل ياتريك كينك، في حين صورت 8 أفلام فرنسية طويلة، واثنين متلفزة، إضافة إلى فيلمين إنجليزيين طويلين، وواحد بلجيكي، وآخر إيطالي، وكندي، وألماني.

  ويستعد المنتج الأميركي، بل ماكاي، خلال هذه السنة، لإنتاج فيلم جديد عن السيد المسيح تحت عنوان "روزيركسيون او كريست"، وهو يتناول فيه قصة صلب السيد المسيح بطريقة مختلفة عن الأفلام التاريخية، التي تناولت الموضوع نفسه، خاصة فيلم النجم والمخرج الشهير، ميل جيبسون.

والفيلم حدد له المنتج الأميركي بل ماكاي ميزانية جيدة تبلغ 20 مليون دولار وسيتم تصويره بين أوروبا، والمغرب، وإسرائيل في شهر يوليو المقبل، وذلك بعد أن ينتهي المخرج جوناس ماكورد من اختيار أبطال العمل.

تصوير 12 فيلمًا أجنبيًا طويلاً سنويًّا

وضع المغرب أجندة أهداف ثقيلة للنهوض بالصناعة السينمائية، خاصة بعد الانقلاب المثير في مدينة ورزازات الذي حدد مصيرها، ومهد أمامها السبيل لتحتل في عالم السينما المكانة، التي أباحت تسميتها "هوليوود إفريقيا".

وقال محمد باكريم "المغرب لديه مصداقية تقاليد عريقة في هذا المجال. والمغاربة أضحت لديهم صمعة طيبة، لدرجة أنه في بعض الأحيان، يجري تحويل إنتاجات أجنبية إلى دول أخرى، ويختارون صناع ومهنيين وتقنيين مغاربة للعمل فيها". 

  وأبرز مسؤول التواصل بالمركز أن "هناك مجهود قامت بها الدولة، إذ إنه منذ تعيين نور الدين الصايل على رأس المركز، كانت هناك توجيهات تؤكد على أن الإنتاج الأجنبي قطاع استراتيجي في المغرب الحديث".

وفعلاً في السنوات الأخيرة، يضيف باكريم، عرف القطاع تطوّرًا كبيرًا، أولاً على المستوى الإداري أوالقانوني، والإجرائي، إذ إن تسهيلات كبيرة قدمت للشركات الأجنبية، بما فيها الشباك الوحيد، وخاصة الدعم المقدم من طرف الدولة، من خلال المركز السينمائي المغربي".

وإضافة إلى هذا السياق التاريخي، يشرح المسؤول بالمركز، هناك أيضا ما يمكن وصفه بـ "السياق المهني"، وهو يدخل في إطار استراتيجية الدولة، التي تتضمن سياسة عشرية، والتي سيجري خلالها التركيز على الإنتاج الوطني، والقاعات السينمائية، والإنتاج الأجنبي.

وأضاف باكريم "يمكن القول إن هناك ثلاث ركائز للصناعة السينمائية في المغرب، ألا وهي الإنتاج الوطني، والقاعات السينمائية (وهي معضلة كبيرة، وتحتاج إلى مجهود كبير لإخراجها من الوضع الذي توجد عليه حاليا)، والإنتاج الأجنبي".

واعتبر أن من بين الأهداف الأساسية المسطرة في المستقبل "الحفاظ على الاستمرارية فيما يخص معدل الأعمال الأجنبية المصورة في المملكة، وأيضًا ألا تبقى المكاسب غير مستقرة، أي أنها تصعد وتهبط في كل سنة، إذ يجب أن تكون وتيرة عدد الأفلام التي ستصور سنويًّا في المغرب متحكمًا فيها، إذ نراهن على الانتقال من 6 إلى 12 فيلمًا أجنبيًّا طويلاً يصوّر سنويًّا بالمملكة".

كما تعتمد استراتيجية الرباط، حسب مسؤول الاتصال بالمركز، على تنويع مواقع المغرب التي تحتضن مشاهد التصوير، مبرزًا أن "وارززات في مقدمة المواقع التي يصور بها أكبر عدد من المشاهد. ولقد جرى خلق أداة مهمة جدا في هذا المجال أطلق عليها اسم (وارزازت فيلم كوميشن)، التي ستزيد تدعيم هذا الموقع. لكن في استراتيجية الدولة هناك مناطق أخرى مؤهلة لذلك، منها في الشمال والوسط والجنوب. خلاصة القول هناك تركيز على دعم مسألة الاستمرارية، وتنويع مناطق التصوير، والتكوين".

100 مليون درهم للإنتاجات المغربية

أكد محمد باكريم أن الإنتاجات الوطنية مسألتها محسومة، مشيرًا، في رد على سؤال "إيلاف" حول برنامج السنة الجارية، إلى أن "هناك إيقاع نسير عليه، يتمثل في إنتاج 15 فيلمًا طويلاً في السنة، كما أن هناك آليات للاستمرارية على هذا النهج، وهي صندوق التصديق على المداخيل، الذي وصل إلى 60 مليون درهم في السنة، وتقرر رفع المبلغ إلى 100 مليون درهم في السنة".

وأوضح المسؤول بالمركز أن "هناك لجنة جديدة عينت لانتقاء السيناريوهات، وهذا ما يضمن للسينمائيين المغاربة، غلافًا ماليًّا يمكنهم من إنتاج أفلامهم"، مضيفًا أن "المبلغ الذي يمنحه المركز لكل عمل يتراوح ما بين 3 أو 4 أو 5 ملايين درهم. وهذه وسيلة تمنح للمخرج المغربي إمكانيات تركيبة مالية لفيلمه، أي أن الدولة توفر أرضية للمخرج حتى يتمكن من مفاوضة الأبناك، والتلفزيونات، والممولين الأجانب، في حالة توفرهم".

أما في ما يخصص الإنتاجات الأجنبية، يشرح باكريم، "هناك مخطط لعشر سنوات، الذي بدأ منذ سنة 2007، بالإضافة إلى العمل الذي قام به المركز السينمائي المغربي، فيما يخص ترويج صورة الإنتاج في المملكة، عبر الحضور المنظم في المهرجانات الدولة، خاصة مهرجان كان، الذي، فيه المغرب على رواق، منذ سنة 2005، إلى جانب الدور الاستراتيجي الذي يلعبه المهرجان الدولي للفيلم بمراكش".

وردا على سؤال لـ "إيلاف" حول حجم مناصب الشغل التي توفرها الأفلام الأجنبية، قال محمد باكريم "أولا أريد أن أشير هنا إلى أنه حدث تحول في خريطة النسيج الاجتماعي. ففئات اجتماعية انتقلت من أدوار هامشية إلى أدوار مهنية، إذ أن مغاربة انخرطوا في معاهد للتكوين، وأضحت تدخل سوق الشغل في هذا المجال بطريقة احترافية ومهنية، أي أنهم تحولوا من (ديكور بشري)، إذا صح التعبير، إلى صناع"، مبرزًا أن "ما بين 700 و1000 من المغاربة يشاركون في الإنتاجات السينمائية الأجنبية سنويًّا. ونطمح، في هذه العشرية، إلى أن يتضاعف هذا الرقم مستقبلاً. وذكر أن الأغلبية الساحقة من المشاركات تكون في مدينة وارزازات، أي أكثر من النصف.

ضوابط التصوير بالمغرب

جدد محمد باكريم التأكيد على رفض المركز السينمائي المغربي منح الترخيص بالتصوير لأي عمل سينمائي "يتضمن مسا بالثوابت الدينية،" بما في ذلك تجسيد شخصية النبي محمد، في أعقاب طلب إيراني في ذلك الشأن.

وفي هذا الإطار، قال المسؤول عن التواصل بالمركز "فعلاَ هذا الأسبوع مر في جو حدث، وهو ليس حدثَا، لأن المركز السينمائي المغربي لم يتوصل بأي طلب بخصوص هذا الموضوع".

أما بالنسبة إلى ضوابط التصوير في المملكة، يضيف باركريم، "فهي موجودة، وعلنية وشفافة، أي أنها مكتوبة بحكم القانون، وتستمد روحها منه. وهذه الضوابط تتعلق حتى بالأفلام الوطنية التي تصور بالمملكة، أو أي ما يصور في المغرب. وهي ضوابط قانونية وإدارية ودرامية إذا صح التعبير".

فالشركات التي تريد أن تصور في المملكة، يؤكد المسؤول نفسه، "يجب أن تكون وضعيتها قانونية وإدارية واضحة، كما يجب أن تتعامل مع شركة إنتاج مغربية، التي يجب أن تكون بدورها معترف بها، ووضعيتها القانونية والمالية واضحتين".

وذكر أن "هناك أيضًا جانب تقني يتمثل في أن أي فيلم يصوّر في المملكة يجب أن يوظف كوتا من التقنيين المغاربة".

أما في ما يتعلق بالجوانب الدرامية، يوضح باكريم، "فإن أي شركة تريد أن تصوّر في المغرب يجب أن تقدم السيناريو حتى تجري قراءته من طرف لجنة تقنية تابعة للمركز، لمعرفة ما إذا كان هناك ما يمس بالمبادئ، والقيم، ورموز السيادة المغربية، التي يوجد فيها ما هو سياسي، وديني، وترابي".

يشار إلى أن تصوير "الأفلام الدينية" وصل إلى ذروته في المغرب، بعد أن تم إنشاء ستوديوهات محلية وأجنبية داخل مدينة ورزازات، منها ستوديو تخصص في تقديم أفلام عن التوراة والإنجيل، ويحمل اسم "ستوديو أستير وأندروميدا"، الذي أقيم العام 1992 قبالة قصبة سيدي داود. ويشارك في الإشراف عليه شركتا "أستير" الإيطالية و"تي إن تي" الأميركية.

كما يوجد أيضًا ستوديو "أطلس"، وستوديو "سينيسيتا" الذي يشرف عليه المنتج الإيطالي الشهير، دينو دي لورينتس، رئيس شركة "دينو لورينتس" للإنتاج "ولويجي أديبي" منتج ورئيس ستوديوهات "سنيسيتا للإنتاج".

يذكر أن المغرب يتوفر على أجندة ثقيلة لنوعية الأفلام المصورة فوق ترابه، إذ تتضمن عشرات الأعمال العالمية، من أبرزها فيلم "الرجل الذي أراد أن يكون ملكا" (1975) للبريطاني جون هوستون (بطولة شين كونري، ومايكل كاين)، وفيلمي"آخر رغبات المسيح" (1987)، و"كوندون" (1996) لعبقري السينما الأميركية مارتن سكورسيزي، وفيلم "شاي في الصحراء" (1989) للإيطالي برناندو برتولوتشي (بطولة روجي مور).

كما تتضمن الأجندة فيلم" أبوكاليبس" لمخرجه رافيل ميرتيس (2001)، وفيلمي "ملكوت السماوات" (2003)، وفيلم "أمير بلاد فارس" للمخرج مايك نيويل (2008)، والقائمة طويلة.

إيلاف في

10/03/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)