حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

ميريل ستريب:

السينما تجارة أيضاً خصوصاً في هوليوود

باريس - نبيل مسعد

يعرف الجمهور ميريل ستريب منذ أكثر من ثلاثين سنة، عندما ظهرت مع داستين هوفمان في فيلم «كريمر ضد كريمر»، ثم مع ودي آلن في «مانهاتان» وروبرت دي نيرو في «الوقوع في الغرام» وروبرت ريدفورد في «خارج أفريقيا». وقائمة أفلام ستريب طويلة، فضلاً عن فوزها مرتين بجائزة الأوسكار كأفضل ممثلة في «خيار صوفي» و«كريمر ضد كريمر»، وترشيحها للجائزة أكثر من عشر مرات.

إلا ان الفيلم الذي كسر صورة ستريب البرجوازية الناعمة هو«خيار صوفي» للمخرج آلان باكولا، ما جعلها تقدم الدليل على قدراتها الدرامية الواسعة مؤدية دور إمرأة تضطر أثناء الحرب إلى اختيار أحد طفليها كي يعيش وتسلّم الثاني للعدو. ويعتبر هذا الدور من أصعب ما مثلته ستريب في مشوارها الفني حتى الآن خصوصاً أنه تضمن مواقف قاسية تسببت في منع الفيلم للصغار أو حذف بعض لقطاته في بلدان معينة. وقد اعتادت ستريب تقمص شخصيات عاشت في الحقيقة أو لا تزال على قيد الحياة، وكان هذا هو سؤالنا الأول لها، في حديث خصت به «الحياة» أثناء زيارتها باريس للترويج لفيلمها الجديد «المسألة معقدة»..

·         مثلتِ دور الروائية الراحلة كارن بليكسن في فيلم «خارج أفريقيا» وثم شخصية بإيحاء من رئيسة تحرير مجلة «فوغ» في «الشيطان يرتدي برادا» وفي «جوليا وجوليا» تقمصت جوليا شايلد الطباخة التي أدخلت الوجبات الفرنسية إلى الموائد الأميركية، وهذا غير أفلام أخرى مثل «الساعات» و«أيرونويد». فهل هناك طريقة خاصة من أجل تقمص شخصية حقيقية بالمقارنة بأخرى وهمية؟

- لا، والفارق الوحيد هو أنني بدلاً من دراسة السيناريو وحسب، أتمعن بعض الشيء في الكتب أو الجرائد التي تكون قد روت سيرة هذه المرأة. لكنني لا أتمادى في ذلك حتى لا يأتي عملي بمثابة نقل مسطرة لواقع ما. أن التمثيل يحول الواقع إلى خيال والخيال إلى واقع، أما النقل الحرفي فلا يفيد بالمرة.

·         لكنك هل صرت طباخة ماهرة مثلاً بعدما أديت دور جوليا شايلد في «جوليا وجوليا» علماً أنك تقضين أكثر من نصف الفيلم في تحضير الوجبات الفرنسية الراقية؟

- تعلمت كيفية تحضير وجبة «بوف بورغينيون» لأنها أثارت فضولي، وأما سائر الأكلات التي تراني أحضرها فوق الشاشة فهي خرجت من رأسي فور انتهاء تصوير المشهد مباشرة.

·         لكنك هل تحبين الطبخ بعامة؟

- أحب تحضير المعكرونة والبيض المسلوق.

·         لماذا يشعر من يشهد فيلم «جوليا وجوليا» أنك اضطررت إلى المبالغة في طريقة الأداء والكلام لمجرد تقليد جوليا شايلد الحقيقية التي كانت تتكلم هكذا وتبالغ طوال الوقت وفي كل المواقف، فهل هذا صحيح؟

- يؤسفني أن تكون قد نظرت إلى الأمر بهذه العين، فالحقيقة إن جوليا التي أؤديها تبالغ بطريقة طبيعية في كل ما تعيشه من مواقف حزينة أو سعيدة. أنها متمادية في كل صغيرة وكبيرة وأنا لم أفعل أكثر من إتقان شخصيتي الروائية بصرف النظر عن عنصر التقليد، ودعني أؤكد لك ثانية أنني أنسى كلياً حينما أعمل، حكاية الدور المستمد من حياة امرأة عاشت بالفعل.

·         في فيلمك الجديد «المسألة معقدة» تمثلين دور امرأة تسعى إلى استعادة زوجها الذي غادرها في سبيل شابة تصغرها بعشرين سنة، فكيف عشت هذه التجربة؟

- لم يكن من الصعب علي تخيل هذا الوضع بما أن هناك مئات ألوف النساء، بل ربما الملايين منهن، يعشن الموقف ذاته في كل يوم من حياتهن الزوجية في مختلف بلدان العالم. ولكن الصعوبة كمنت في تصور الأمر على النحو الكوميدي وإضحاك الجمهور العريض من شيء يدعو أساساً إلى البكاء. والكوميديا في الحقيقة كثيراً ما تنبع من مآسي الحياة وهذا ما يجعلها صعبة الأداء، أصعب من أي دراما. أنا تدربت طويلاً على الدور محاولة تخيل المواقف المختلفة على النمط الدرامي أولاً ثم باحثة عما قد يثير الضحك في هذه المواقف نفسها بالنسبة الى من يشاهدها من الخارج، فالضحك على الغير من الأشياء القاسية التي يتفوق فيها الإنسان عموماً. وهكذا بنيت دوري من الألف إلى الياء.

تجارة

·         كيف تتأقلمين كممثلة مخضرمة مع الأوضاع السينمائية في هوليوود التي تحبذ ظهور الممثلات الشابات فوق الشاشة؟

- لقد تراجعت هذه العنصرية - وأنا أسميها فعلاً عنصرية ولا شيء غير ذلك - في شكل ملموس بعدما لاحظت الشركات المنتجة مدى رواج الأفلام التي تمثلها كل من ديان كيتون وجسيكا لانغ وإيما تومسون لدى الجمهور العريض خصوصاً في ميدان الدراما. وإذا نظرنا إلى تومسون مثلاً، فهي تجلب ملايين الدولارات إلى شباك التذاكر مع كل فيلم جديد تشارك فيه. وهناك نقطة أساسية تلعب دورها بأسلوب فعال في هذا الشأن، وهي الدخول النسائي إلى الشركات المنتجة الضخمة وفي مناصب عليا جداً بل في أعلى منصب الذي هو رئاسة مجلس الإدارة. ولا يعني ذلك أن المرأة إذا ترأست شركة منتجة ستولي الأفضلية لتشغيل النساء الناضجات على حساب الربح التجاري، فلا يجب أن ننسى أن السينما فن ولكنها أيضاً تجارة وربما أنها أولاً تجارة على المستوى الهوليوودي. ولكن المرأة ستفكر في كيفية حسن استخدام امرأة مثلها فوق الشاشة من طريق طلب تنفيذ سيناريوات جذابة تحكي مثلاً حياة بطلة يزيد عمرها عن الثلاثين، وهو شيء قادر على جذب الجمهور لأن هذا الأخير يفتش عن حكاية حلوة ومسلية يشاهدها بصرف النظر عن عمر الأبطال، أو على الأقل في بعض الأحيان. وأما عن نفسي فقد نجحت في فرض شخصيتي في أدوار الدراما والمغامرات والرومانسية والآن الفكاهة، ولا أعرف كيف حققت كل ذلك. وما أستطيع قوله هو انني أضع نوعية العمل الذي أشارك فيه في المرتبة الأولى، ولم أوافق مرة على فيلم لمجرد العمل أو كسب المال.

·         أديت في بدايتك الفنية دور البطولة في فيلم «خيار صوفي» للسينمائي آلان باكولا، وهو عمل جريء وعنيف جداً اعترضت عليه الرقابة الأميركية وغيرها في العالم لما تضمنه من مشاهد صعبة التحمل حينما تضطر الأم إلى الخيار بين ابنها وابنتها وإرسال الأخر إلى موت محتم. فهل تعتبرين انك أخطأت عندما وافقت على هذا الدور على رغم انه ساهم في ما بعد في بناء شهرتك ونجوميتك؟

- لست نادمة بأي شكل من الأشكال على قبولي هذا الفيلم أو أياً من أعمالي إلى الآن. وعن «خيار صوفي» فهو فيلم مأخوذ عن رواية معروفة ومعترف بها وبجمالها على الصعيد العالمي، وربما يكون هو أنجح أفلامي مع «كريمر ضد كريمر» الذي جلب لي جائزة الأوسكار كأحسن ممثلة. وعلى العموم فهو مُنع لمن هم أقل من 16 أو 18 سنة بحسب كل بلد في العالم، وهذا يكفي.أنا أنظر إلى الفيلم على أنه حكاية واقعية جداً تصور بفعالية كبيرة المأساة التي تتعرض لها امرأة في ظروف الحرب. وأما عن اللقطات الجريئة القاسية فهي كانت ضرورية لتفسير المعاناة التي تعيشها البطلة وإلا لما وافقت على تمثيلها.

إقناع الذات

·         هل تخشين انهيار شهرتك إذا ظهرت في فيلم أقل جودة من الأعمال التي أطلقتك؟

- كنت كذلك ولكنني تغيرت الآن، لكن الموضوع تطلب الكثير من الوقت وإقناع الذات. لقد تربيت فنياً على يدي داستين هوفمان وهو عبقري فذ لا يقبل العمل إلا في أفلام ممتازة ومتفوقة. تأثرت به وبطريقة تفكيره فهو كان معلمي الفني ومثلي الأعلى في الحياة والفن، وكنت صغيرة بعد وغير ناضجة بالدرجة التي تسمح لي بالتمييز بين ما قد يناسبني شخصياً أو لا يناسبني مهما كانت نظرة هوفمان الى الأمر.

·         ماذا تنتظرين من مهنتك بعدما فزت بجائزة الأوسكار كأفضل ممثلة؟

- أنتظر الفوز بها مرة ثالثة طبعاً لأنني لم أنتهِ بعد.

·         تتمتعين بجمال طبيعي جداً ويبدو أن التجاعيد لا تضايقك وهذا أمر نادر في هوليوود، فكيف تفسرينه؟

- لكل عمر جماله وجاذبيته، وأنا لا أؤمن اطلاقاً بعمليات التجميل ولا حتى بالبوتوكس وغيره من المواد التي تشد الجلد وتزيل تجاعيده أو تنفخ الشفاه. وأشعر برغبة حادة في الضحك كلما رأيت إمرأة تلجأ إلى كل هذه الأساليب المزيفة من أجل أن تبدو أصغر مما هي في الواقع. أنا لا أرى مثلاً لماذا يتباهى الرجل الخمسيني بشعره الأبيض وإذا فعلت المرأة الشيء نفسه بدلاً من أن تصبغ شعرها قيل عنها أنها لا تهتم بمظهرها، فهذا ليس من الإنصاف أبداً وهو وضع لا أقبل به.

·         أنتِ إذاً من المدافعات عن حقوق المرأة؟

أنا أدافع عن كل مبدأ أراه يستحق الدفاع عنه، وأحدث شيء أنادي به هو الحق في الضحك مهما كانت ظروف الحياة صعبة، ولذا صرت ممثلة كوميدية.

الحياة اللندنية في

05/03/2010

 

أجيال عراقية جديدة من مبدعي سينما متأخرة

صباح مهدي الموسوي* 

كثر الحديث عن السينما العراقية وسبل النهوض بها ، إلا أن ما تمخضت عن كل الندوات والمناقشات من توصيات وحلول لم يجد صدى على ارض الواقع وظل ضمن حدود الاستهلاك الإعلامي.

فالسينما كونها صناعة ترتكز الى مقوماتها الثلاثة، وهي: التقنية والخبرة البشرية ورأس المال، وهذه العناصر كانت متوافرة ومنتظمة تحت بناء مؤسساتي مكتمل متمثل بدائرة السينما والمسرح. وبغض النظر عن مستوى ما قدمته هذه المؤسسة من أفلام وما يقال عن البعض منها من انها مؤدلجة، فهذا لا يلغي الأفلام التي شكلت إضاءات في مسيرة الفيلم العراقي الذي تجاوزت أفلامه الروائية المئة، فضلاً عن عدد كبير من الأفلام الوثائقية التي رصدت ووثقت الكثير من أوجه الحياة العراقية. وحتى تلك الأفلام التي تدعو أو تخضع لاشتراطات اتجاه سياسي معين لم تكن عيباً ونقصاً في واقع السينما.. فمن حق الجهة المنتجة ان تروّج لأفكارها ومواقفها. لكن المشكلة في الشكل الفني الذي تطرح من خلاله هذه الأفكار. الم تكن افلام ايزنشتاين وبودوفكين وفيرتوف افلاماً مؤدلجة؟ مع هذا خلقت منعطفاً في تاريخ السينما من خلال التجريب على الشكل الفيلمي، وهي لا تزال الى اليوم تدرّس في الجامعات والمعاهد السينمائية. صحيح ان افلامنا المؤدلجه كانت تتسم بالمباشرة، وتفتقر الى توظيف عناصر لغة الصورة في شكل يجذب اهتمام المشاهد ويثيره عاطفياً، ما جعل تاثيرها مرحلياً ولايتعدى حدوده المحلية. إلا أن هذا لا يقلل من اهميتها باعتبارها نتاج مرحلة معينة تشكل جانباً من تاريخ الفيلم العراقي.

غلطة الاحتلال

اذاً، البنى التحتية لهذة الصناعة وجدت ووفق احدث التقنيات، ووفرت لها روؤس اموال مجزية. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لم يكتب لهذه الصناعة الديمومة والاستمرار؟ وإلى متى يستمر هذا التوقف؟ وما هي سبل بعث الحياة فيها من جديد؟ للإجابة عن هذه التساؤلات نقول: إن هناك سببين رئيسين أديا الى تدهور السينما العراقية، الأول غير مباشر، وهو ان السينما العراقية وعبر كل مراحلها لم يتول إدارتها سينمائي متخصص. فكل الذين تولوا إدارة السينما والمسرح في العراق، وعلى مختلف العهود والمراحل، إما من الأدباء أو الشعراء أو الإعلاميين، الأمر الذي أدى الى غياب التخطيط العلمي لإدارة عجلة الإنتاج السينمائي وديمومتها بالشكل الذي يخلق تراكماً فنياً من شأنه ان يبلور ملامح، أو يكرس هوية للفيلم العراقي، ويجذر بصورة اعمق للإنتاج السينمائي. أما السبب المباشر فهو الظرف الاستثنائي الذي شهده البلد منذ بداية الثمانينات من القرن المنصرم، والذي لا يزال قائماً الى الآن، فهو الأشد تأثيراً والأقسى على مجمل المشهد الثقافي في العراق، وبالتحديد على صناعة السينما التي لا يمكن لها ان تنمو وتزدهر في ظل اللااستقرار. فما حدث بداية الاحتلال هو تدمير كامل للبنية التحتية للسينما في العراق، وأصبح المشهد الثقافي والفني عموماً، ولا يزال، أمام الواقع الأمني للبلد مسألة هامشية، بل لم يجد له مكاناً في برنامج رجل السياسة أو صاحب القرار.

ولكن على رغم الوضع المعقد الذي نعيشة اليوم، هناك روافد لاتزال يتدفق من خلالها العطاء الفني. ففي الوقت الذي شلت الحياة الثقافية والفنية اثناء الظروف الاستثنائية التي شهدها البلد كانت كلية الفنون تعمل وتواصل العطاء وسط ركام الحرب ورماد الحرائق. فواصلت الدراسة وأكملت العام الدراسي بإصرار، كما حرصت على تقديم نشاطاتها السنوية في اقامة المهرجان السنوي الذي تضمن اكثر من خمسين عملاً قصيراً، إضافة الى المعارض التشكيلية والعروض المسرحية. وبذلك كانت كلية الفنون الشريان الوحيد الذي رفد الحياة الثقافية والفنية بالأمل لتتواصل. وعلى مستوى ما قدمته الكلية فإن الساحة الفنية والقنوات الفضائية العراقية والعربية والعالمية خير شاهد على نسبة خريجي كلية الفنون العاملين فيها في مختلف التخصصات، علماً ان كلية الفنون مؤسسة تعليمية وليست انتاجية.

ولايمكن، في سياق هذا العرض ان نغفل العديد من محاولات التحريك ووضع قضية السينما العراقية في دائرة الضوء التي تمثلت بأقامة مهرجان بغداد السينمائي، ومهرجان «سينمائيون بلا حدود»، والإنتاجات الفردية لعدد من الشباب، في الداخل والخارج، والتي استطاعت ان تؤكد حضورها في الكثير من المحافل العربية والعالمية. إلا أن كل هذه المحاولات لا يمكن ان تعيد الحياة للسينما العراقية ما لم تدعّم بقرار الدولة، وبإسناد مادي يعيد النظر بهيكلة المؤسسة الإنتاجية وفق تخطيط علمي مدروس وبما يتلاءم ومعطيات المرحلة الجديدة.

إذا أردنا أن نتحدث بصراحة، فنحن في العراق، ومنذ سنوات طويلة، نفتقر إلى أي برنامج أو مشروع يعنى برعاية العلماء والفنانين والأدباء، فضلاً عن غياب التخطيط العلمي في استثمار الموارد البشرية وتوزيعها. لذا فإن عدم الاهتمام بالمواهب والطاقات الشابة الواعدة جاء نتيجة طبيعية لوضع عام. ولكننا نؤكد من جديد أن السينما ضرورة إنسانية وحضارية، وحاجتنا اليها اليوم اكثر من أي وقت مضى، لأننا نعيش في عالم الصورة، والأمة التي لا تمتلك اليوم خطابها الصوري في مواجهة الآخر، ولا تحتفظ بأرشيف مصور للأجيال القادمة، هي أمة ميتة. لذا علينا أن نتفاءل بالشباب الذين يتزايد عددهم اليوم، فهم المعوّل عليهم في إعادة الوجه المشرق للسينما العراقية بعد استقرار البلد.

*رئيس قسم السينما في أكاديمية الفنون - بغداد

الحياة اللندنية في

05/03/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)