حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

أسامة فوزي:

نحن في حاجة إلى صدمات كهربائية عميقة

القاهرة ـ دار الإعلام العربية

من جدل إلى جدل يتنقل المخرج أسامة فوزي عبر أفلامه؛ فمنذ فيلم «بحب السيما» اختفى طويلاً، ثم خرج لنا بجدلية المبدع والحرية من خلال فيلمه الجديد «بالألوان الطبيعية»، الذي أثار ضجة متوقعة - معتادة، بجملة الأفكار المطروحة عن حرية الإبداع..

هذا الفيلم الذي صنفه البعض على أنه جزء ثانٍ لفيلمه الفائت «بحب السيما» قد يأخذنا الى الحديث عن عالم سينمائي له خصوصية في أفكاره بعيدًا عن منطق السينما الاستهلاكية؛ في السطور القادمة يتحدث المخرج أسامة فوزي عن المسكوت عنه وما تحدثه أفلامه من ضجة.. فإلى التفاصيل. حول تقييمه للجدل الذي تم إثارته بعد فيلمه «بالألوان الطبيعية»، يقول المخرج أسامة فوزي: «قبل الحديث عما تعرض له فيلم «بالألوان الطبيعية» من هجوم غير مبرر، أريد في المقام الأول أن أؤكد أن أي حالة جدل تدور حول أي فيلم تعد من إيجابياته.

ولا تضره بقدر ما تفيد، خاصة أننا نعيش حالة جمود فني - ثقافي، مما يسهم في تحريك الماء الراكد في الحياة الثقافية، خاصة أن مجتمعنا يعاني من السير في اتجاه واحد.ولا يقبل أبدًا طرح الآراء والقضايا بجرأة، على الرغم من وجودها على أرض الواقع، بل ندفن رؤوسنا في الرمل، ولا أعلم لمصلحة من هذا النهج».

أما عن الهجوم الذي تعرض له الفيلم فهو ليس بجديد لأن كل الأفلام التي قدمتها لاقت هجومًا كبيرًا، وهو ما كنت أتوقعه أيضاً لهذا الفيلم، كما أن اعتراض طلبة كلية الفنون الجميلة - التي تعد إحدى رموز حرية الإبداع والفكر - على الفيلم تم دون أن يشاهدونه معتمدين على جمل ومشاهد في الإعلان.

ولا يمكن الحكم على أي عمل من خلالها يعد من باب الظلم، كما أن الفيلم لا يسيء للكلية وطلابها بل يرصد التحول الذي حدث فيها.

·         لماذا تدور الأحداث في كلية الفنون الجميلة وليس معهد السينما على سبيل المثال أو كلية الفنون المسرحية؟

المشكلة التي يطرحها الفيلم ليست في كلية الفنون أو معهد السينما؛ لأن المشكلة هي المستوى الذي وصلنا إليه في التعليم، خاصة في الكليات الفنية؛ فالإنسان يحب أن يشعر أنه يقوم بعمل له قيمة، وهذا الشعور أصبح من الخيال وغير متواجد لدى الشباب؛ فهم يعملون لمجرد العمل فقط، ولا يوجد هدف يسعون إليه.

مشاهد طبيعية

·         تتهم المقتطفات التي جاءت في الإعلان عن الفيلم بأنها السبب في هذه الهجمة.. فما رأيك في هجوم الجمهور أيضا على الفيلم بعد مشاهدته؟

تركزت الآراء حول نقطة واحدة، وهي أن الفيلم ضد كلية الفنون الجميلة، وأنه يسئ إليها سواء طلبة أم أساتذة، وكأن هذه هي الفكرة الوحيدة التي يطرحها الفيلم، وهذا بكل تأكيد غير صحيح؛ لأن الفيلم يناقش أفكارًا أعمق من ذلك، تتعلق بالدفاع عن حرية التعبير والاختيار،.

وأن يتحرر المجتمع من كذبه وخوفه، وكان ذلك في مصلحة الطلبة الذين كانوا يهاجمون الفيلم، وقد كشفنا ما يمر به الفن في الثلاثين عامًا الأخيرة، بعد أن كانت كلية الفنون قائمة على التحرر إلى أن وصلت إلى الانغلاق الحالي.

·         هناك بعض المشاهد التي أثارت جدلاً داخل الفيلم منها حديث يوسف مع الله ومشهد رشوة الطلبة لأساتذتهم.. ما تبريرك لها؟

جميعها مشاهد طبيعية، وليست هناك أي تجاوزات حدثت في المشاهد؛ فعلى سبيل المثال مشهد حديث البطل مع الله أمر طبيعي، لأن البطل في سن مراهقة وشديد البراءة والطبيعة في حديثه، كما أن لكل شخصية طريقتها في الدعاء والحديث، أما مشاهد الطلبة وأساتذتهم؛ فقد كانت نتاجاً لما يفعله الأساتذة في الطلبة الذين عبروا عن هذا الكبت والضغط النفسي بهذه الطريقة.

·         شعر البعض بالاستياء من المشاهد الجنسية في الفيلم.. كيف ترى ذلك؟

لا يوجد جنس في الفيلم، ولكن هناك من ذهب إلى أن القبلات فترتها الزمنية طويلة على الشاشة، وهذا ما يشير إلى أننا فقدنا في السينما بالفعل الإحساس بالقبلات البريئة.

والتي تؤدى بنوع من الفطرة، فالممثلون الآن يفتعلون القبلات دون اللجوء للمصداقية، والتي لا تحدد زمن القبلة؛ لأنه في النهاية الإحساس والشعور مهما طالت أو قلت مدته يخرج من طرفين يفقدان الإحساس بالزمن والمكان في سبيل تحقيق رغبة بداخلهما، وفي النهاية كل ما يردد لا يخرج عن كونه اجتهادات وآراء شخصية.

·         بالنسبة لشخصية يسرا اللوزي وجدناها بعد فترة ترتدي النقاب.. لماذا لم تعدها إلى وسطيتها؟

لأن هذا ما يحدث في المجتمع، وما أقوله دائماً إن هناك نوعًا من القهر في المجتمع يمارس على جميع الفئات الضعيفة؛ فترتدي المرأة الحجاب والنقاب بسبب قهر المجتمع لها.

·         هل ظهور الأشباح مع البطل في المشهد الأخير للفيلم يعني أن الصراع يستمر مع البطل؟

نستطيع أن نقول إنها هواجسه وأشباحه، فهو انتصر لفنه وموهبته ولكن أيضاً سيظل يعيش مع هواجسه المتمثلة في الأشباح الأربعة.

الدين والفن

·         هل علاج المجتمعات - التي تراها جامدة يأتي من خلال الصدمات العنيفة الخاصة في فنونها؟

أعتقد أننا صرنا في حاجة إلى حالة من حالات «البسترة» أو «الجلسات الكهربائية» العنيفة لتحريك أي ساكن؛ ذلك لأن الناس بحاجة إلى صدمة للاستفاقة، فنسبة ليست بقليلة من الجمهور تعيش حالة من الضبابية.

وعدم الوعي، وهذا ما تحاول السينما التي أقدمها تغييره، فأنا مقتنع بأن السينما علاج للمجتمع، وأول خطوة في سبيل تحقيق العلاج هو طرح المشكلة التي تسبب الألم بجرأة شديدة، لكن هذا يدر على صاحب العمل كثيرًا من المشاكل ورفع القضايا مثلما حدث مع فيلم «بحب السيما» الذي حقق رقمًا قياسيًا في عدد القضايا التي رفعت ضده.

·         برأيك.. هل هناك تعارض بين الدين والفن؟

تاريخ الفن في العالم يؤكد أن الدين لا يتعارض مع الفن، وإذا ما تحدثت بشكل شخصي عن أعمالي التي تطرقت إلى هذه القضية فإن هناك تأكيدًا من خلال فيلمي «بحب السيما» و«بالألوان الطبيعية» أن الفن في جهة والدين في جهة، ولا تعارض بينهما؛ لذا لا يجب أبدًا أن يقف الدين قيدًا في وجه الإبداع، وقضية حرية الإبداع هي القضية الأزلية التي لم تنته ما دام هناك فكر جامد لا يريد الاعتراف بأخطائه.

·         يقول البعض إن اختياراتك لنوعية أفلامك السبب في تأخرك سينمائيًا، وابتعاد المنتجين عنك .

هذه النوعية من الأفلام لا تخرج بسهولة إلى النور، وهذا لا يخصني وحدي فهناك العديد من المخرجين الذين يواجهون المشكلة نفسها، منهم داود عبدالسيد الذي قدم «رسائل البحر» بعد فترة طويلة من الغياب، كذلك يسري نصر الله، ومحمد خان، وأرى أن المنتجين هم السبب الرئيسي في حدوث هذا، وذلك لأنهم يفرضون أفكارهم النمطية على السوق، ويتحججون بأن الجمهور «عايز كده» وهذا خطأ فادح.

اقتحام الأفكار

·         تتعرض أفلامك دائمًا إلى هجوم شديد وصل إلى ساحة القضاء بدءًا من «بحب السيما» انتهاء ب«بالألوان الطبيعية».. هل لاتزال مصرًا على تقديم هذه النوعية من الأفلام؟

نعم؛ لأنني لا أستطيع تقديم أي فيلم مضاد لرغباتي؛ بل لا بد أن يحمل رسالة مهمة مهما كانت قسوة هذه الرسالة على المجتمع، ولن أنساق وراء الأفلام التي بلا معنى، وما يحدث سببه أننا مجتمع مريض وضعيف، ولدينا مشاكل حول هويتنا.

ومن الطبيعي أن تثار حولك الأقاويل في ظل هذه الظروف المحيطة؛ وبالتالي أرى ضرورة أن تشهد السينما والفن انتفاضة، لذلك أنا «متمرد» على الأوضاع السائدة في ظل هذا المناخ.

·         إذن الإنسان همك الأساسي.

بل أهم أولوياتي، وإن كنت لا أحب تصنيف الأفلام حتى لا أوضع تحت تصنيف ما.

·         خضت الكثير من المعارك الفنية.. ما تعليقك؟

نعم؛ وذلك لأن هناك جرأة شديدة في طرح الأفكار المسكوت عنها داخل المجتمع المصري من خلال أفلامي؛ ولأنني أسعى دائماً لتحقيق هدف واحد أؤمن به وهو «وجود سينما تعبر عن الناس بدون حرج».

وفي الآن بها جرأة يمكن أن تطرح من خلالها القضايا التي لا يستطيع الإنسان أن يطرحها حتى مع نفسه أو روحه؛ لأنه يعتبرها قضايا ممنوع الاقتراب منها أو التصوير، ولكن مع اقتحام هذا الحصار وفك رموزه ومخاطبة الإنسان تعلم أنك ضد التيار القائم، والذي قد يتسبب في العديد من الأزمات التي أواجه معظمها الآن.

البيان الإماراتية في

03/03/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)