حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

شهادات حية حول الثورة الجزائرية

«سينمائيو الحرية».. ملحمة النضال الجزائري عبر الكاميرا

تونس– صابر سميح بن عامر

بحضور جماهري كبير وباشراف عبد الرؤوف الباسطي وزير الثقافة والمحافظة على التراث التونسي ويوسف اليوسفي سفير الجزائر بتونس والعديد من أهل الثقافة والفن والاعلام من البلدين، تم مساء السبت افتتاح فعاليات أسبوع الفيلم الجزائري بتونس الممتد من 13 فبراير/ شباط الى غاية الحادي والعشرين من نفس الشهر.

ويأتي تنظيم هذا الحدث السينمائي الجزائري بعد نحو اسبوع من احتفال تونس والجزائر بالذكرى الثانية والخمسين لاحداث ساقية سيدي يوسف التي اختلطت فيها دماء الشعبين حين قتل جزائريون وتونسيون في قصف من المستعمر الفرنسي ىنذاك على شمال تونس.

دار الثقافة ابن رشيق بتونس العاصمة كانت مسرحا لالتقاء الأشقاء التونسيين والجزائريين الذين شاهدوا ليلتها فيلمين جزائريين مما يمكن الاصطلاح عليهما بسينما النضال. فأما عن الفيلم الأول فهو شريط سينمائي قصير حمل عنوان "ياسمينة" "انتاج 1961" في اخراج مشترك لجمال شندرلي الذي يُعد من أوائل المخرجين الجزائريين المقيمين بتونس ومحمد الأخضر حمينة الحمتحصل على السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي سنة 1967 عن فيلمه "ريح الأوراس".

وفيلم "ياسمينة" يعدّ من بين الأعمال الأولى للسينما الجزائرية المكافحة، وقد تم انتاجه من قبل مصلحة السينما للحكومة الجزائرية المؤقتة القائمة آنذاك بتونس، ويروي الفيلم قصة "ياسمينة" فتاة صغيرة تائهة شردها دمار الحرب من منزلها الى الحدود التونسية- الجزائرية بحثا عن عائلتها التي تعرضت للقصف، الأمر الذي يؤكّد حجم الروابط التاريخية والنضالية التليدة التي كانت وما تزال تجمع بين البلدين الشقيقين تونس والجزائر، فالتاريخ النضالي بين البلدين مايزال يذكر بأحرف من ذهب واقعة سيدي يوسف في 8 فبراير/ شباط 1958، بالحدود الجزائرية التونسية، والتي قام بها المستعمر الفرنسي كرد فعل على الدعم التونسي للثورة الجزائرية والتي سقط فيها العديد من الشهداء الجزائريين والتونسيين.

أما الفيلم الثاني فهو من آخر انتاجات السينما الجزائرية "2009" بعنوان "سينمائيو الحرية" وهو شريط سينمائي طويل من 70 دقيقة من فئة الأشرطة الوثائقية لمخرجه سعيد مهداوي الذي حاول من خلال تجربته الأولى في عالم الأفلام الوثائقية التطرق لنشأة ودور الحركة السينمائية الجزائرية في الثورة التحريرية من خلال شهادات حية لأهم الفاعلين بها من الجزائريين والفرنسيين المناصرين للثورة أمثال آنذاك كبول وبيار شولي والمخرج الفرنسي الراحل بيار كليمو صديق درب المخرج رونيه فوتييه الذي يعتبر الأب الروحي للسينما والسينمائيين الجزائريين الذين التحقوا بجبهة القتال ابان الثورة، كذلك الراحل جمال شندرلي ومن الأحياء أحمد راشدي عمار العسكري ومحمد الأخضر حمينة، اضافة إلى بعض الشهادات السياسية من بعض القياديين الجزائريين القدامى. علاوة على الشهادات الأكاديمية من بعض المؤرخين والنقاد السينمائيين بالجزائر.

وقد قدّم الشريط مقتطفات من أول الأفلام الجزائرية خلال فترة الخمسينات مثل فيلم "الجزائر المشتعلة" للمخرج رونيه فوتييه و"ساقية سيدي يوسف" لبيار كليمون و"جزائرنا" الذي أخرجته مصلحة السينما للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية سنة 1960 من أجل إسماع صوت الجزائر للرأي العام العالمي، والجمعية العامة لهيئة الامم المتحدة.

الفيلم يؤرخ ويوثّق لأبرز محطات تاريخ السينما الجزائرية، والسينمائيين الذين أعلنوا عن ميلاد الفن السابع إبان الثورة، ووثّقوا لها بالصورة والصوت وكانت بمثابة السلاح الذي رفعوه في وجه المستعمر الفرنسي الى جانب البندقية التي كان يحملها جنود ثورة التحرير الوطني خلال الفترة الممتدة بين سنة 1954 الى غاية سنة 1962.

هم مناضلون بالكاميرا أخرجوا أفلامهم رغم كل الظروف المادية والتقنية وحتى الانسانية الصعبة عصرئذ، من أجل إسماع صوت الحق وعدالة ما يطالب به الجزائريون في حقهم في تقرير مصيرهم والاستقلال والحرية.

حاول المخرج مهداوي من خلال هذا الفيلم تسليط الضوء على المواضيع التي عالجتها السينما والظروف التي مرت بها هذه السينما خلال تلك الفترة، وقدراتها ودورها في إيصال صوت الثورة إلى كل أصقاع العالم.

ومن أبرز الشهادات التي قدمت في الفيلم تلك التي قالها الناقد والمؤرخ السينمائي الجزائري أحمد بجاوي مقدما مسحا سينمائيا "كرونولوجيا" لأهم محطات وخصائص الفن السابع في الجزائر منطلقا من سنة 1895 أي مع الصور السينمائية الأولى في العالم للاخوان لوميير اللذين جعلا من الجزائر مصدرا لصورهما الاولى، وكيف كان لها دور السبق في منح العالم أفلاما سينمائية وثائقية صامتة باللونين الأسود والأبيض، بعدما صورا في الجزائر خلال القرنين الماضيين، صورا متحركة بعضها التقطت بالقصبة في العاصمة الجزائر وأخرى بمدينة قسنطينة شرق الجزائر.. وغيرها من الشهادات التي تُثبت دون شك أن الجزائر كانت حاضرة وبقوّة في المشهد السينمائي العالمي، بل ومسرحا لـ"سينماتوغراف" السينما العالمية منذ نشأتها أواخر القرن التاسع عشر، وحتى بداية السينما الناطقة في أوربان حيث كانت الجزائر بديكوراتها ومناظرها الطبيعية وإضاءتها المقصد الأفضل لما يصطلح عليه أيامها بـ"السينما الكولونيالية".

وخلال كل هذا التطور السينمائي كان المستعمر الفرنسي يعمل على تصغير وتقزيم هوية المجتمع الجزائري والشخصية الثقافية الجزائرية، لكن حوادث 8 مايو/ آيار 1945 سببت القطيعة بين العقلية الجزائرية والعقلية الاستعمارية وترسخت إثرها أهمية الدفاع عن الوطن والهوية.

ومن هناك انطلق سؤال اشكالي كبير: كيف يحرم شعب من الحرية والاستقلال بعد ما ساهم شبابه في تحرير أوربا وفرنسا من النازية؟ بل كان جزاؤهم بعد العودة لأرض الوطن أن اكتشفوا الخراب والمجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال الفرنسي في حق الجزائريين الذين انتفضوا مطالبين بالحرية.

وانطلاقا من سنة 1945 والى غاية 1954 ظنت فرنسا أنها بالمجازر التي ارتكبتها قد اثنت الجزائريين عن المطالبة بالاستقلال، لكن الذي حدث هو العكس، حيث بدؤوا يخططون في السر والعلن لافتكاك حريتهم، فتأسست جبهة التحرير الوطني وانطلقت الى جنبها الحرب الاعلامية خلال طبع الجرائد واطلاق الحصة الاذاعية "صوت الجزائر" التي كانت تبث من تونس والقاهرة.

وشاءت الصدف أن يلتحق جمال شندرلي بصفوف الثورة على الحدود الجزائرية التونسية بعد تأثره بما كان يصوره لحساب الوكالة الفرنسية للمعلومات من مجازر كان يرتكبها المستعمر بالقرى كما تواجد المخرج الفرنسي رونيه فوتييه بكاميراته في تونس وهو يهم بتصوير أول فيلم عن تونس ما بعد الاستقلال أي بعد 1956. لكن الافلام التي كان ينجزها لم تكن تحظ بالترحاب في فرنسا فقرر أن يكون مع المجاهدين الجزائريين على حساب أبناء وطنه ويؤسس مع عناصر جبهة التحرير الوطني أول مدرسة للسينما من أجل انجاز الأشرطة الوثائقية والأفلام لدحض أكاذيب المحتل الفرنسي وكان من بين من تتلمذوا على يديه: جمال شندرلي، أحمد راشدي، عمار عسكري، ومحمد الأخضر حمينة.

الفيلم في كلمات حاول من خلاله المخرج سعيد مهداوي على مدار سبعين دقيقة التوثيق بالصوت والصورة للحركة السينمائية بالجزائر وكيف دعمت الثورة وعجلت بتحرير الجزائر من خلال إنجاز وعرض الأشرطة الوثائقية لإسماع صوت الجزائر في المحافل الدولية إبان ثورة التحرير.

ومن الأفلام الجزائرية المبرمجة في أسبوع الفيلم الجزائري بتونس نجد: "ريح الأوراس" لمحمد الأخضر حمينة وهو فيلم تم تتويجه في مهرجانات دولية مثل "كان" و"موسكو"، وفيلم "عطلة المفتش طاهر" المؤخوذ عن السلسلة التلفزية الجزائرية الشهيرة "المفتش طاهر" والذي تم تصويره في تونس بمشاركة ممثلين تونسيين كالراحلين محمد بن علي والزهرة فائزة، وفيلم "رشيدة" للمخرجة يامينة بشير شويخ الذي يتحدّث عن معاناة المرأة الجزائرية خلال فترة بروز الأصوليين في الجزائر.

كما يُعرض من الأفلام الجديدة فيلم "حرّاقة" لمرزاق علواش وهو من أحدث الانتاجات السينمائية الجزائرية "2009" ويصوّر الفيلم مصير "الحرّاقة" من الشبان الجزائريين خلال قطعهم رحلة الموت.. نحو السراب الأوروبي.

وللطفولة نصيب أيضا في أسبوع الفيلم الجزائري بتونس من خلال فيلمي "أبناء الريح" لابراهيم تساكي و"خراطيش جولواز" لمهدي شارف.

العرب أنلاين في

14/02/2010

 

المخرج الاسرائيلي صاموئيل ماوز: «طبعاً قتلتُ بشراً» 

مثل مواطنه آري فولمن مخرج فيلم «فالس مع بشير»، ينتمي صماوئيل ماوز الى جيل من الاسرائيليين الذين خاضوا حرب لبنان عام 1982؛ وهي الحرب الأكثر شراسة وضراوة من بين حروب اسرائيل. فمن منا نسي حصار بيروت، وسجناء معسكر أنصار، وعار مذبحة صبرا وشتيلا التي جرت تحت عيون «تسحال» ودعمها الضمني. صحيفة «ليبراسيون» أجرت حواراً مع صماوئيل ماوز، هنا بعض ما جاء فيه:

·         «ليبراسيون»: لماذا سميتَ فيلمك «لبنان»، فيما لا نرى فيه شيئاً من لبنان؟

- صاموئيل ماوز: الحقيقة ان هذا العنوان ليس موفّقاً، لأن الفيلم يعالج شيئاً أوسع من حرب لبنان. بالنسبة لي، لبنان ليس حرباً ولا بلداً؛ لبنان يمثل أبناء جيلي الذين ولدوا في اسرائيل، عكس أهلهم الذين فرّوا من المعسكرات النازية. نحن عشنا حياة طبيعية. كنا لا نفكر الا بالبنات والبحر والسينما. كنا نريد الاستمتاع بالحياة. وحرب لبنان هي الحرب الأولى التي خاضها أبناء هذا الجيل.

·         «ليبراسيون»: لماذا احتجتَ الى أكثر من 25 سنة من بعد هذه التجربة لكي تنتج عنها عملاً سينمائياً؟

- صاموئيل ماوز: حاولتُ عدة مرات كتابة سيناريو مستوحى من هذه الحرب. المرة الاولى كانت عام 1988، بعدما تخرّجتُ من معهد السينما. وقتها، ما ان انكببتُ على الكتابة حتى عادت رائحة اللحم المحروق. كان الاحساس بالرائحة قوي الى حدّ انني اضطررتُ الى التوقف عن الكتابة. ليس خوفاً، بل لأنني شعرتُ بأن عليّ تناول هذا الفيلم لا كشاهد، بل كمخرج. قلتُ لنفسي إن عليّ أن أكون قادرا على جمع ذكرياتي وجروحاتي ومن ثم تحليلها ببرودة، كما في العيادة. وقلتُ لنفسي: «طالما بقيتْ هذه الرائحة، فأنت لستَ جاهزا بعد». لو أخرجتُ هذا الفيلم قبل اليوم، لكان فشل فشلا ذريعاً. وكنتُ سوف لا أتكلم إلا عن نفسي وألمي.

·         «ليبراسيون»: أي ألم؟

- صاموئيل ماوز: وجدتُ نفسي أمام مأزق: اذا اطلقتُ النار، فهذا يعني انني قاتل، واذا لم اطلقه، فانني أيضا قاتل. لطالما يقول الناس: «لستَ انت المسؤول، الحكومة هي المسؤولة»، ولكن في النهاية، أنتَ الذي وضع الأصبع على الزناد. انت تصرفتَ، والنتيجة كانت ان أناسا ماتوا. شخصيا، حافظتُ على احساسي بالذنب. كان المهم بالنسبة لي، لا أن أسامح نفسي، بل ان أجد تفسيرا.

·         «ليبراسيون»: حرب صيف 2006 في لبنان، هل أيقظت هذه الذكريات؟

- صاموئيل ماوز: كلا، ذكرياتي ترافقني طوال الوقت. لكنها منحتني احساسا بالمسؤولية. حتى هذه الحرب الأخيرة كنتُ وحيدا في ألمي. وحرب لبنان الثانية دفعتني للتصرّف. كنت غاضبا جدا. سوف أروي لك حكاية: قبل هذه الحرب بسنة واحدة زارني صديق له ابن وحيد. ابنه هذا يريد ان يقوم بالخدمة العسكرية وهو، الأب، معارض لها. وكان هذا الصديق يرفض التوقيع على ورقة تسمح للأولاد الوحيدين الانخراط في الجيش. ولكن بما ان صديقي ليبرالي، لم يكن يريد في نفس الوقت معارضة إرادة ابنه. اذن أحضر معه ابنه لكي أقنعه أنا بعدم الانخراط. تكلّمنا لمدة ثلاث ساعات، وفي النهاية قال لي الابن: «افهمك، أنت على حق، ولكنني أريد الدخول في الجيش». كان شابا يافعا. أما ابوه فأُسقط في يده، وطلب مني ان أشير عليه بما يفعل. قلت له: «إفعل ما تشاء، لو كنت مكانك، لما وقّّعتُ. أنا أفضّل ابناً حيّا يكرهني على ابن ميت». وقّع أخيرا صديقي على الإذن. ذهب ابنه الى حرب لبنان عام 2006، وتلقّى رصاصة في وجهه. الآن حياته مدمَّرة. قلتُ لنفسي ان كان عليّ ان اقول شيئاً، فعلي ان اقوله الآن، من غير تأخير (...).

·         «ليبراسيون»: هل قتلتَ في حرب عام 1982؟

- صاموئيل ماوز: طبعا قتلتُ. المجتمع الاسرائيلي مليء بأناس مثلي. يمكننا ان نعيش، ان نبتسم، ان نكوّن عائلة. ولكن في دواخلنا، ننْزف الى الابد، ولا أحد يستطيع إيقاف ذلك. قبل الفيلم كنت مذنباً، والآن أنا مسؤول.

·         «ليبراسيون»: ما الذي ماتَ فيك في حرب لبنان؟

- صاموئيل ماوز: البراءة! مباشرة بعد الحرب، كنتُ اريد إلتهام الحياة. كانت الموضة في تل ابيب آنذاك هي لموجة الـ«ما بعد بنكْ» (post-punk)؛ كنا نتناول المخدرات، نرقص، ننام مع من لا نعرف. والعلاقات بين الناس كانت باردة جدا. وفجأة بدأتُ الغوص في الظُلُمات (...). سألني أحد الاصدقاء: «ما هي مشكلتك؟ هل ترى كوابيس؟». لا لم أكن أرى كوابيس، كنت أودّ أن تكون مشكلتني أبسط من ذلك (...).

المستقبل اللبنانية في

14/02/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)