حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

روب مارشل يقتبس "تسعة" عن عمل مسرحي مستوحى من "ثمانية ونصف"

من السينما إلى المسرح فالسينما... أشياء فقدت ولكن السحر هناك

ريما المسمار

برز اسم روب مارشل سينمائياً في العام 2002، عندما قرر مصمم الرقص والمخرج المسرحي الأربعيني تجربة أدواته في السينما، فكان فيلمه الأول، "شيكاغو" Chicago، غنائياً راقصاً ومقتبساً من مسرحية، قُدمت على مسارح برودواي للمرة الأولى في العام 1975 وأُعيد إحياؤها بعد عشرين عاماً. في أحدث أفلامه، "تسعة" Nine، يعيد مارشل الكرّة، باقتباسه عملاً مسرحياً غنائياً أيضاً، حقق نجاحاً كبيراً زمن عرضه في العام 1982 حيث قُدم في 729 عرضاً- وذلك بخلاف "شيكاغو" المسرحية التي استُقبلت بشيء من الفتور عند عرضها الأول- كما شهد إعادة إحياء ناجحة ايضاً عام 2003. "تسعة" هو إذاً فيلم مقتبس عن عمل ناجح لآرثر كوبيت وماريو فراتي. وليس ذلك فحسب ما يصعّب عليه المهمة- حيث اقتران اي فيلم بعمل جماهيري معروف يفتح باب المقارنات والمسجلات- بل أيضاً واقع ان المسرحية نفسها كانت اقتباساً (مسرحياً) لرائعة فيديريكو فيلليني "ثمانية ونصف" 81/2 (1963)، وقّعه فراتي. هذه إذاً حالة خاصة من انتقال العمل من السينما الى المسرح فالسينما من جديد. هذه الرحلة، في حالة Nine، بين "قنوات" عدة، أخضعت الفيلم لشيء من الهزال، حيث امتصت كل قناة شيئاً من روحه، كما انها، اي الرحلة، فرضت مرجعيات كثيرة لمقارنة الفيلم بها. وفي غياب المرجع الوسيط وتعثر معرفتنا به، اي المسرحية الغنائية، بات Nine في مواجهة مباشرة مع 81/2 الفيلم بما هو أمر غير منصف بالطبع ولكن لا مناص منه، لاسيما ان الشخصية المحورية في Nine هي نفسها في شريط فيلليني وأزمتها، مبدئياً، هي نفس الأزمة: تعثّر خيال المبدع (السينمائي) وخياله. مقارنة ليست في اية حال من الأحوال في صالح فيلم مارشل ولكنها أساسية استناداً الى طرح مارشل نفسه الذي يمكن اختزاله بسؤال واحد: كيف عالج فيلم Nine أزمة ابداع السينمائي وخيالاته في فيلم موسيقي راقص؟ السعي الى العثور على إجابة لهذا السؤال كان لينصف شريط مارشل ويبعده عن شبح "ثمانية ونصف" في ما لو كانت التجربة قائمة على عناصر ناجحة. فهل هي فعلاً كذلك؟

أزمة مبدع

يسلك روب مارشل في أحدث أفلامه، Nine، الدرب التي عبّدها بمهارة في "شيكاغو"، والتي قامت على تجاور الواقع، واقع الفيلم، واللوحات الغنائية الراقصة التي خرّجها تجسيداً لتخيلات أبطاله. انها اذاً ثنائية الواقع والفانتازيا في "شيكاغو" كما في "تسعة". في الأول، حيث الموضوع هو الشهرة والفضيحة في شيكاغو العشرينات، او حقبة "الجاز" كما يُطلق عليها، جسدت اللوحات الراقصة فانتازيا "روكسي" (رينيه زيلويغر)، ربة المنزل التي تسعى الى ان تصير نجمة استعراضية على غرار "فيلما" (كاثرين زيتا جونز). بهذا المعنى، كانت "روكسي" غارقة في أوهامها التي كلما تصورتها في اللوحات الغنائية الراقصة، ازدادت شراسة في الوصول اليها واستعداداً للقيام بأي شيء من أجلها. هكذا صاغ الفيلم خيوط التشابه والتشابك بين واقعه وتخيلاته، مفعّلاً الصلة بين شقه الموسيقي الراقص الخيالي من جهة والدرامي الواقعي من جهة ثانية. على النسق عينه يسير Nine: دراما، استعراض... ولكن المشكلة هنا مشكلات. ثمة مشكلة في العلاقة بين الدراما والاستعراض ومشكلة في الدراما نفسها ومشكلة في الاستعراض نفسه. في شقه الدرامي، او الاحرى الميلودرامي، يتمحور الفيلم حول شخصية "غويدو" (دانييل داي لويس) السينمائي الايطالي الذي يحضر لفيلمه التاسع (ومن هنا اشتق عنوان الفيلم) مه ممثلته-ملهمته "كلاوديا" (نيكول كيدمن) وفريقه المعتاد من منتجين وممثلين وتقنيين، أبرزهم "ليلي" (جودي دينش) مصممة الازياء. كل شيء بات جاهزاً: الديكور والملابس وموعد بدء التصوير وعنوان الفيلم-"إيطاليا"- وحماسة الصحافة للمخرج "المايسترو"، كما تسميه... كل شيء باستثناء.. السيناريو! "غويدو" يواجه أزمة إبداعية من النوع الثقيل ووحدها "ليلي"، صديقته القديمة، تواجهه بالسؤال القنبلة: "هل كتبت كلمة من هذا السيناريو؟" بعد مؤتمر صحافي يظهر شخصية "المايسترو" اللعوب والمغناطيسية والمحبوبة ويكشف عن فشل فيلميه الأخيرين، يختفي "غويدو"، ملتجئاً الى منتجع سياحي على البحر، حيث ينزل باسم مستعار. ولكن الضغوط لا تلبث ان تزحف اليه بظهور عشيقته "كارلا" (بينيلوبي كروز) ومنتجه وفريق عمله الذي ينتقل بكامله الى الفندق. "غويدو" مسكون بصور نسائه من الماضي - أمه (صوفيا لورين) والمومس "ساراغينا" (فيرغي)- والحاضر- زوجته "لويزا" (ماريون كوتيار) و"كارلا" و"كلاوديا" و"ستيفاني" (كايت هادسن) الصحافية الاميركية في مجلة "فوغ" التي تحاول إغواءه. على الرغم من ان المكان هو ايطاليا، إلا ان إحساسنا بالمكان يصير شبه معدوم مع مرور الوقت وإصرار الجميع على التخاطب بالانكليزية حتى في المؤتمر الصحافي. ولا شيء إيطالي في "غويدو" سوى الهيئة الخارجية (الملابس والقبعة واللكنة الايطالية التي يرطن بها الانكليزية). ولكن ما هي حقاً أزمة "غويدو"؟ بخلاف "غويدو" مارتشيللو ماستروياني في فيلم فيلليني الذي عكس بغروره وحنانه ونرجسيته شخصية فيلليني والذي يسكنه القلق من عدم تحققه كرجل وسينمائي، يبدو "غويدو" مارشل رجلاً متعباً أعياه "جشعه النسائي" (كما تقول له زوجته قبيل النهاية). هو أقرب الى فنان "احترق" منه الى مبدع يواجه أزمة إلهام. علاقاته النسائية المشوّشة ومشاعره المتداخلة إزاء نسائه هي أزمته الحقيقية. "ثمانية ونصف" هو رحلة داخل عقل السينمائي وفي خياله، بيد ان هذا البعد النفسي يكاد يكون مفقوداً تماماً في Nine. وذلك عائد بالدرجة الأولى الى عدم اكتمال الدراما، بخلاف "شيكاغو" الذي يستطيع بشقه الدرامي فقط أن يشكل حكاية مكتملة بصرف النظر عما اذا أحببناها أم لا. الفانتازيا في "شيكاغو" تدفع بالدراما الى الأمام، وفي "ثمانية ونصف" تكشف دهاليز روح السينمائي. أما في Nine فالفانتازيا المتمثلة باللوحات الراقصة ليست هذا ولا ذاك. انها فانتازيا تخبّر عن شخصياتها أكثر مما تخبر عن "غويدو"، أو تستعيد بالغناء ما عرّفتنا الدراما به سابقاً، أو نمرة تتناول بالسخرية او بالحنين زمناً آخر. فحين تنشد "ستيفاني" في إحدى اللوحات الراقصة "سينما ايطاليا"، فإن الصور التي تستدعيها ويجسدها الاستعراض لا تنتمي الى ايطاليا الستينات والسبعينات، ولا الى سينماها، بل انها تنتمي أكثر الى ايطاليا برلوسكوني. ما يتبقى من الدراما لتلمس خيوط شخصية "غويدو" قليل جداً، يتكىء في معظمه على إشارات وتحيات، تقرّب شخصية "غويدو" أكثر فأكثر من "فيلليني" لتظهر أكثر فأكثر عمق الفجوة بينهما. "غويدو" هو "المايسترو" على غرار ما كان يُطلق على فيلليني. ومثل فيلليني، يصور "غويدو" أفلامه في "استديو 5" في مدينة "شينيشيتا" السينمائية. ومن وحي فيلليني في فيلمه "الحياة جميلة" La Dolce Vita، يصطحب "غويدو" بطلته "كلاوديا" الى نافورة الماء الشهيرة في الفيلم، منتحلين شخصيتي ماستروياني وأنيتا اكبيرغ في الفيلم. لا يخلو ذلك من المتعة بل انه يصيب الوتر الصحيح في روح المشاهد ولكنه يفرغ الفيلم وشخصيته من اي معنى باستثناء إعادة إحياء الزمن السينمائي لايطاليا وفيلليني. ما يقدمه الفيلم لا يعيننا على فهم عبقرية "غويدو" او مكانته ولا يسمح لنا بالتالي التعاطف معه كبطل يعاني أزمة وجودية. وفي حين ينتهي فيلم فيلليني بفشل بطله صنع فيلم كأنه يقول انه من الاستحالة بمكان صنع فيلم عن حياة كاملة، يهتدي بطل روب مارشل في النهاية الى حكاية بعد سنتين من معاقبة الذات، كما يوحي كلامه لصديقته "ليلي". وفي هذا انفصال تام عن جوهر فيلليني وفيلمه في اتجاه خطاب وعظي ارشادي. "غويدو" فيلليني هو الانسان بكل أخطائه ونزواته ونرجسيته وحنانه ولا سبيل لتغيير ذلك. اما "غويدو" مارشل فيتوب على نحو ما ويقرر صنع فيلم لاسترداد زوجته. السينما هنا تتحول مخلصاً في ما هي عند فيلليني خارج هذه التصنيفات والوظائف.

الاستعراضات

السجن في "شيكاغو" كان مسرح الأحداث، حيث تتواجد الشخصيات في شكل طبيعي، أسست الدراما له منذ البداية. في ذلك السجن ايضاً، تجسدت تخيّلات "روكسي" في شكل لوحات راقصة، تناوب عليها السجناء (البطلتان زيلويغر وزيتا-جونز) والسجانة (كوين لطيفة) والمحامي (ريتشارد غير). بخلافه، تتوزع أحداث Nine على أكثر من مكان: الفندق والشارع والاستديو ولكن اللوحات الراقصة أسيرة المسرح عينه بما يعمّق الاحساس بانفصالها عن الدراما. بعيداً من ذلك، اللوحات الثماني متفاوتة، وان كانت تتشارك على أرضية عدم قولها الكثير. لوحة فيرغي "كن ايطالياً" أفضلها وكذلك لوحة كوتيار "خذ كل شيء" التي أنقذتها من مباشرة اللوحة الاولى "زوجي يصنع الافلام" وبساطتها. لوحتا كيدمن ولورين، "طريقة غير عادية" و"انظر القمر" تباعاً، جليديتان، لا تضيفان شيئاً. اما لوحة بينيلوبي كروز "اتصال من الفاتيكان" فالأقوى تأثيراً وان كانت تقدم شخصية "كارلا" أقرب الى فتاة ليل في ما هو إدانة غير مباشرة لسلوكها كامرأة متزوجة وعشيقة لرجل آخر. اما جودي دينش في "فولي بيرجير" فممتعة من دون مبالغة. تظهر هذه اللوحات قدرات ممثليها. باستثناء كيدمن ولورين في حضورهما غير الآسر على الاطلاق، يشع الآخرون. ولكن للمشاهد أن يلحظ كم التقطيع في هذه اللوحات لاخفاء هنات الممثلين في الرقص والغناء بما يتعارض مع فكرة المسرحة التي يعتمدها المخرج. دانييل داي-لويس الذي يقدم لوحتين غنائيتين استعراضيتين في الفيلم، ينجز الكثير في المساحة الدرامية المحدودة التي يلعب فيها. على غرار ما فعل مارشل في "شيكاغو"، مفاجئاً الجميع بريتشارد غير في دور غنائي راقص، يذهب في Nine ايضاً أبعد من التوقعات باختيار داي-لويس الممثل القدير الذي ينفخ الروح في شخصية "غويدو" منذ المشاهد الأولى. حركة جسده وايماءاته وابتسامته الساخرة ومشيته الملتوية التي تعبر عن شخصية لعوب كلها من اكسسوارات الشخصية ولكنها في تلك المساحة الدرامية الصغيرة تغدو مكرورة، من دون ان تسلب الممثل شيئاً من سحره الطاغي.

على الرغم من مشكلاته الكثيرة، لن ينفّر Nine المشاهد ولن يحمله على رفضه. انه أقرب الى وصف احدى شخصيات الفيلم لأفلام "غويدو" بـ"اللذة المحرّمة". كيف لا نستمتع بفيلم يستعيد ومضات من فيلليني- بصرف النظر عن ابعاد واشكال هذه الاستعادة- ويخلي المسرح لشخصيات نسائية صارخة الجمال والجرأة ويحشد ممثلين من الدرجة الأولى ويضيف الى ممثل مثل دانييل داي لويس قوة اضافية لقدراته غير المحدودة؟ معادلة غريبة ولكن "تسعة" لم يفقد سحره.

 

العرض الأساس

في العرض الاساسي لمسرحية "تسعة"، لعب راوول جوليا دور "غويدو" وفي إعادة إحيائها عام 2003 جسد انتونيو بانديراس الشخصية.

كتب سناريو فيلم "تسعة" مايكل توكين صاحب فيلم "اللاعب" The Player بمشاركة المخرج الراحل انتوني مينغيللا.

كاتب الاغنيات ومؤلف موسيقى اللوحات هو موري يستن في الفيلم والمسرحية وقد صرح بأن العنوان "تسعة" هو نتيجة اضافة الموسيقى الى فيلم فيلليني "ثمانية ونصف" بما يجعله "تسعة".

كان خيار روب مارشل الاول خافيير باردم لدور "غويدو" وكاثرين زيتا جونز لدور "كلاوديا" الذي ذهب في نهاية المطاف الى نكول كيدمن. ولكن باردم انسحب لأسباب متعلقة بالارهاق فيما اشترطت زيتا-جونز زيادة مساحة الدور لتوافق عليه.

من الممثلات اللواتي أجرين تجارب أداء للفيلم ولم يتم اختيارهن الممثلتان كايتي هولمز وديمي مور.

ابدى الممثل انتونيو بانديراس انزعاجه من عدم عرض دور "غويدو" عليه ودرس داي-لويس الايطالية من أجل الدور ويتردد انه كان يتحدث بها طوال الوقت خلال التصوير.

أضيفت الى أغنيات المسرحية الاصلية ثلاث أغنيات خاصة بالفيلم هي: "انظر القمر" التي أدتها صوفيا لورين و"سينما ايطالية" لكايت هادسن و"خذ كل شيء" التي كان من المفترض ان يؤديها الثلاني كوتيار وكيدمن وكروز ولكن ادتها الاولى منفردة.

 

جاكسن في جديده "العظام المحببة" :

سيد "الأرض الوسطى" يشيد عوالمه الجديدة بين السماء والأرض

حين أعلن بيتر جاكسن في العام 2005 ان مشروعه السينمائي المقبل سيكون اقتباساً لرواية الأميركية أليس سيبولد "العظام المحببة" The Lovely Bones، بدا الأمر جنوحاً كبيراً عن مساره السينمائي الذي سبق. بحكايتها التي تركز حول اغتصاب مراهقة وقتلها، بدت الرواية بعيدة كل البعد عن أسلوبه وتقنيته السينمائيين اللذين تراكما خلال عشرين عاماً متوّجين بمشروعين أساسيين: ثلاثية "سيد الخواتم" وإعادة "كينغ كونغ". مع الأولى، تربع جاكسن على عرش سينما الفانتازيا والخيال العلمي والتقنيات الثورية في خدمتهما. ولكن الى ذلك فالمخرج النيوزيلندي استطاع وسط صخب التقنيات أن يحجز مكاناً له في السينما، مازجاً بين الرعب والكوميديا والتهكم والعنف التي بنى عليها أفلامه الأولى قبل شهرة الثلاثية. فبين العام 1988 و1997، أنجز جاكسن ثمانية أفلام انطلاقاً من باكورة أفلامه Bad Taste الذي صوره بواسطة كاميرا 16 ميلليمتراً، كان يملكها وقتذاك، مروراً بشريط Heavenly Creatures (1994) الذي عُرف من خلاله ووصولاً الى The Frighteners (1996) مع مايكل جاي فوكس في دور محقق نفساني. بعدها كان التحول الكبير مع رواية جاي آر آر توكيين الميثولوجية التي قدمها في ثلاثة أجزاء متتالية مجسداً على الشاشة ما يفوق الخيال من عوالم ومخلوقات تنتمي الى ذلك المكان المتخيل "الأرض الوسطى". في أعقاب النجاح الكبير للثلاثية وحصدها جوائز الاوسكار القياسية وعلى خلفية الخلافات التي نشبت بين جاكسن و"نيولاين سينما" منتجة الثلاثية، غض جاكسن الطرف عن مشروع The Hobbits الذي كان من المتوقع ان يصير جزءاً لاحقاً للثلاثية مفصلاً أصول شخصياتها. مع "كينغ كونغ"، حقق جاكسن حلماً طفولياً باستعادة فيلم، له مكانة خاصة في مخيلة الطفل الذي كانه وفي ذاكرته. بطبيعة الحال، جاءت الآراء منقسمة حوله اما لمقارنته مع الثلاثية "سيد الخواتم" واما مع الفيلم الكلاسيكي الاصلي. في تلك الأثناء، وقع جاكسن على رواية سيبولد The Lovely Bones: "تأثرت كثيراً خلال قراءتها ومراراً فاضت عيناي بالدموع" يقول في حوار الى مجلة "إمباير" السينمائية. الفيلم جاهز للعرض منذ بعض الوقت ولكن شركتي دريمووركس وباراماونت المنتجتين آثرتا تأجيل عرضه الى كانون الأول/ ديسمبر الفائت الذي يُعد شهر الجوائز وستنطلق عروضه المحلية قريباً. ولكن السؤال الملح هو: ما الذي يجمع بين بيتر جاكسن ورواية درامية سالت لها دموعه؟

تبدو الإجابة مخبأة بين صفحات الكتاب نفسه. فرواية سيبولد بالغة الجدية في الظاهر، تتخذ من حكاية موجعة وشخصية خطها السردي: في العام 1973، تتعرض ابنة الرابعة عشرة عاماً "سوزي" على طريق عودتها الى المنزل للاغتصاب والقتل. الجاني هو جارها "جورج هارفي" المهووس ببناء بيوت الدمى. وفي حين تشتبه عائلة سوزي به، لا أحد يستطيع إثبات التهمة عليه فيقفل ملف القضية من دون إدانة أحد. ما الذي يجعل هذه الحكاية أكثر من مجرد دراما مروعة؟ يبدو ان السبب الأول لذلك هو ان الأحداث تُروى من وجهة نظر "سوزي" الميتة والموجودة في مكان بين السماء والأرض. انه جنتها الخاصة كما تقول الرواية التي تشرف منها على عائلتها ومغتصبها بينما تحاول المساعدة في حل لغز الجريمة. اذاً هناك أكثر من مجرد حكاية عن عائلة تختبر الموت والفقدان بأبشع صوره، ذلك ان "سوزي" تعيش تجربتها الخاصة حيث هي في التقدم بالسن والوعي. ولا يغفل الفيلم والرواية الخط التحقيقي في الجريمة حيث تقف "سوزي" والمشاهد على الجانب نفسه من المعرفة بينما شخصيات الفيلم الحية غير مدركة لها. وربما ليس بعيداً من خصوصية الرواية استنادها الى تجربة كاتبتها الذاتية التي تعرضت للاغتصاب في الثامنة عشرة من عمرها ومن ثم عثرت على مغتصبها بعد سنوات في الشارع وتمكنت من القبض عليه الى حين وصول الشرطة ومحاكمته بأقصى عقوبة. تلك الحادثة روتها سيبولد في روايتها الأولى "محظوظة" (1999). ولكن حادثة مشابهة كانت الدافع لكتابة روايتها الثاينة موضوع الفيلم انما بأسلوب يخفف من وقع التراجيديا ليقول ان العنف ليس عابراً او استثنائياً في حيواتنا.

تمثل التجربة بالنسبة الى جاكسن تحدياً جديداً صعباً: شخصيات واقعية، مادة صادمة، مشاعر قوية وفكرة إكزوتية تتمثل برواية الأحداث من وجهة نظر فتاة ميتة من عالمها الآخر. يوضح المخرج ان "الاقتباس شخصي" للكتاب بمشاركة فيليبا بوينز وفران والش شريكتيه على ثلاثية "سيد الخواتم". تفاصيل كثيرة تم الإستغناء عنها أو أعيد العمل عليها "الرواية مرت عبر حساسياتنا الشخصية".

شكل العثور على ممثلة لشخصية "سوزي" التحدي الأكبر لأن الشخصية بحضورها الخاص تتنقل بين التراجيديا القصوى والتهكمية السوداء. كان خيار جاكسن سايورس رونن التي تذكره بكايت بلانشيت كما يقول. والممثلة الشابة كانت قد جذبت الأنظار اليها من خلال دورها في فيلم جو رايت The Atonement. بدأ التصوير في شتاء 2007 ولم يعكر صفوه سوى انسحاب الممثل راين غوزلينغ (لاختلاف في المقاربة الفنية بحسب المخرج) في دور الأب اليائس للقبض على قاتل ابنته الذي عاد ليرسو على مارك وولبرغ. على صعيد آخر، تلعب رايتشل وايز دور الأم وسوزان ساراندن دور الجدة وستانلي توشي دور "جورج هارفي" الذي تنعته "سوزي" من عليائها ب "السيد هارفي".

يشدد جاكسن على ان التحدي الحقيقي ليس صنع فيلم غارق في اليأس والتراجيديا بل هو جعله بشكل غريب مضحكاً أحياناً وتهكمياً لافتاً الى ان رحلة "سوزي" يمكن اختصارها بالقول انها رحلة للعثور على خلاصة لحياتها: هل سيتذكرها الناس دوماً ضحية قاتل ومغتصب ام سيذكرونها بحب وعاطفة ومرح؟

على صعيد الشكل، كان العثور على مظهر "الجنة" التحدي الأكبر. ولكن "سوزي" لا تصل الى الجنة في سياق الأحداث بحسب جاكسن. "هي عالقة في مكان ما بين الارض وذلك المكان الذي ستنتهي اليه اياً يكن. ولكنها عالقة بينهما الى أن تتقبل موتها". بهذا المعنى يتخذ العالم الآخر الذي تطل "سوزي" منه على العالم الواقعي مظهراً سوريالياً مكوناً من عناصر من حياتهاوذاكرتها مما اختبرتها ولم تختبره.

 

سينما

ألكسندر باين و"المتحدّرون"

يستعد المخرج الأميركي ألكسندر باين لخوض تجربته السينمائية الأولى منذ ستة أعوام بفيلم بعنوان The Descendants، تدور أحداثه في أجواء كوميدية حول رجل ثري وأب لابنتين، يحاول جاهداً ابقاء عائلته متماسكة. وقد تردد اسم جورج كلوني من بين الممثلين الذين سيلعبون الادوار الاساسية. آخر أفلام باين كان في العام 2004 "طرقات جانبية" Sideways. وقدم قبله ثلاثة أفلام اشهرها Election (1999) وAbout Schmidt (2002) مع جاك نيكلسن.

كين لوتش يعود الى الأساس

بعد تجربته السينمائية الخفيفة الاخيرةLooking For Eric يعود السينمائي البريطاني كين لوتش الى موضوعاته السياسية الاجتماعية بمشروع يحمل عنوان Route Irish الذي يعني الطريق بين مطار بغداد والمنطقة الخضراء (Green Zone). تدور أحداث الفيلم الذي كتبه شريك المخرج المعتاد في الكتابة بول لافيرتي حول عميلين سريين في بغداد، يقضي أحدهما على الطريق، فيرفض الثاني قبول الاسباب الرسمية لوفاته ويشرع باحثاً عن الحقيقة.

مايكل وينتبوتوم في "لندن فيلدز"

قبل الانتهاء من عمليات المونتاج لفيلمه "القاتل في داخلي" the Killer Inside Me وبعد تجربته الوثائقية The Shock Doctrine، أعلن المخرج البريطاني مايكا وينتربوتوم ان مشروعه المقبل سيكون اقتباس رواية مارتن آيميس London Fields التي كانت قد شغلت العديد من المخرجين منذ صدورها في العام 1989 ومن بينهم الكندي دايفيد كروننبيرغ. استقر اذاً صاحب The Road to Guantanamo وA Mighty Heart على الرواية التي تدور أحداثها في لندن في العام 1999 مع نهاية الالفية الثانية وفي ظل مخاطر كبرى تتهدد العالم. بطلته كاتبة غير متحققه تعاني من مرض مميت وتلتقي خلال ايامها الاخيرة بمجموعة شخصيات. اللافت ان وينتربوتوم يكمل من خلال هذا المشروع ولعه بالاقتباس الذي شكل الاساس لعدد كبير من أفلامه بينما يعود من خلاله الى الموضوع الداخلي بعد انشغاله لوقت طويل بموضوع الارهاب وافغانستان وباكستان في أفلام عدة.

"طارد الأرواح" من جديد

أعلن ويليان بيتر بلاتي كاتب الرواية الشهيرة "طارد الأرواح" The Exorcist عن نيته تحويلها سلسلة تلفزيونية قصيرة، انتهى بالفعل من كتابتها. بلاتي الذي وضع سيناريو الفيلم الذي أخرجه ويليام فريدكن في العام 1973 عن الرواية كان أعلن غير مرة عن عدم رضاه عن نهاية الفيلم. اللافت ان فريدكن وافق على اخراج بعض حلقات السلسلة.

أساياس عن "كارلوس الجوكر"

أنهى المخرج الفرنسي اوليفييه أساياس تصوير فيلمه Carlos the Jackal عن حياة الثوري الفنزويلي إيليتش راميريز سانشيز المعروف بـ"كارلوس"، المسؤول عن شبكة عالمية قامت بالعديد من الاعمال الارهابية. المشروع هو الاول المخصص لحياة كارلوس وعنه ويقع في ثلاثية، سيبثها التلفزيون الفرنسي اولاً خلال شهر شباط/فبراير 2010 قبل ان تخرج نسخة سينمائية مختزلة في الصالات السينمائية في خريف 2010. تبدأ أحداث الفيلم بعملية كارلوس الاولى في لندن عام 1974 وتنتهي بتوقيف الشرطة الفرنسية له في الخرطوم عام 1994. صور الفيلم بين النمسا وفرنسا والمانيا والمجر والمغرب ولبنان ويلعب بطولته الممثل الفنزويلي إدغار راميريز في دور "كارلوس".

في ذكرى يوسف شاهين

في الذكرى الرابعة والثمانين لولادة السينمائي يوسف شاهين التي تحل في الخامس والعشرين من كانون الثاني/يناير، أعلنت شركة أفلام مصر العالمية عن شراكة جديدة مع قناة "بي بي سي ويست" BBC WST، سيتم من خلالها إنتاج مجموعة من المسلسلات والبرامج والأفلام.

وجاء في بيان صحفي أصدرته الشركة: "تعقد شركة أفلام مصر العالمية- يوسف شاهين و شركاه- السبت الموافق 23 يناير 2010 مؤتمراً صحفياً لإعلان شراكتها الجديدة مع البي بي سي ويست BBC WST "صندوق الائتمان الدولي" والتي سيتم من خلالها إنتاج مجموعة من المسلسلات والبرامج والأفلام". الجدير بالذكر أنها المرة الأولى التي تدخل فيها الشركة عالم الدراما التليفزيونية.

ذكرى ينهي "حراس الصمت"

بعد نحو خمسة أشهر من التصوير، أنهى المخرج السينمائي السوري سمير ذكرى تصوير فيلمه الجديد "حراس الصمت"، المأخوذ عن رواية "الرواية المستحيلة.. فسيفساء دمشق" للأديبة السورية غادة السمان، وهو من إنتاج المؤسسة العامة للسينما في سورية. وفي الفيلم مقاربة لحياة السمان واستحضار لدمشق في خمسينيات القرن الماضي عبر عدد من الشخصيات. يرصد الفيلم حياة عائلة دمشقية في مرحلتي الأربعينات والخمسينات، وتحديداً بين عامي 1945 و1957 أي قبيل الوحدة السورية المصرية، من خلال التركيز على شخصية فتاة في هذه العائلة ورغبتها في الإعلان عن ذاتها ككاتبة، مع رفض الأهل والمجتمع ذلك، وتمردها على واقعها. ويحاول الفيلم توصيف مجموعة من المشكلات التي اعترضت المجتمعات الشرقية قبل أكثر نصف قرن، ومازالت نفسها تعيق تطور المجتمع العربي المعاصر. والبطولة في الفيلم هي للممثلة الشابة نجلاء الخمري (بدور غادة السمان)، إلى جانب مازن منى، إياد أبو الشامات، لورا أبو أسعد بالإضافة إلى أكثر من خمسين ممثلاً وممثلة آخرين.

ووفقاً لمصادر المؤسسة العامة للسينما فإن الفيلم سيكون جاهزاً للعرض في غضون الأشهر الثلاثة المقبلة. أخرج ذكرى أربعة أفلام روائية طويلة هي "حادثة النصف متر" ( 1981)، "وقائع العام المقبل" (1986)، "تراب الغرباء" (1998) و"علاقات عامة" (2005).

المستقبل اللبنانية في

22/01/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)