حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

السينما المستقلة... في عيون صانعيها

القاهرة - إبراهيم الحسيني

«الإبداع» في فن السينما كلمة مقترنة بالحرية، ولكن عندما يقترن هذا الإبداع بمتطلبات السوق والرقابة وإيرادات «شباك التذاكر»، فهو بالتأكيد يفقد كثيراً من صفاته الفنية. وهذا ما دعا بعض مبدعي الفن السابع إلى تقديم «فن مغاير» للفن المحترف، عرف باسم «السينما المستقلة»، حاولوا من خلاله تقديم أفلام مختلفة عما يقدم في السينما «التجارية» التقليدية.

«السينما المستقلة» واحدة من الفنون السينمائية التي تسعى إلى تذليل الصعوبات والمعوقات التي تقف حائلاً أمام صانع الفيلم التجاري، من مشكلات صدامية مع الرقابة وجهات الإنتاج، وأيضا كمحاولة لتقديم إبداعاتهم الخاصة من دون الخضوع لشروط السينما السائدة.

وجذبت «السينما المستقلة» الانتباه إليها منذ سنوات، وأصبح يلتف حولها العديد من المخرجين الشباب حول العالم، والذين يحلمون بصناعة أفلامهم بحرية مطلقة، خصوصاً أنها تعتمد في المقام الأول على التحرر من قيود الإنتاج والتوزيع والذوق العام السائد، كما تسعى إلى كسر «النمطية» السينمائية.

وفي مصر، يعاني المخرجون المستقلون من معوقات عدة لا يجدون لها تفسيراً، ورغم قدرة بعض الأفلام على الخروج إلى النور، كما حدث مع فيلم «عين شمس» إخراج إبراهيم البطوط، إلا أن بقية الأفلام مازالت تعانى من البيروقراطية والمحسوبية ورفض الرقابة لها، وأيضاً سطوة شركات الإنتاج الكبرى على صناعة السينما في مصر، والتي تعتبر أن «السينما لمستقلة» في حال تنافس معها.

ويرى المخرج مينا سليم، مخرج الفيلمين المستقلين «مصري عايش» و«أنا والسماء»، على أن السينما المستقلة لن تكون أفضل حالا إلا إذا توافر لها رأس المال لإنتاج أفلام ذات مستوى عالٍ. مشيراً إلى أن نقص الأموال يضر بالشكل النهائي للفيلم، «نظراً لأن أغلب من يقدمون تلك النوعية من الأفلام هم شباب، ويتحملون تكلفة الفيلم الإنتاجية بالكامل.. وهذا عبء كبير يقع على كاهلهم» كما يقول.

ويقول «سليم» إن ميزة هذا الفن السينمائي تكمن في أن «كل صانعيه على قدر كبير من الوعي والموهبة، وهذا النوع من السينما هو سبيلهم الوحيد للتعبير عن أنفسهم وقضاياهم الخاصة، بعيداً عن سطوة المنتجين». ويضرب مثلاً بفيلم «عين شمس» للمخرج إبراهيم البطوط، الذي وجد المنتج الذي تحمس له وتحمل تكاليفه الإنتاجية بالكامل.. مما وفر للفيلم ميزانية إنتاج ساعدته على الظهور بشكل مختلف، وهو ما أوصله للحصول على جوائز عالمية عدة.

ورغم الصعوبات التي يلاقيها هؤلاء المبدعون، يعتبر «سليم» أن السينما المستقلة هي «المعادل الذي لا يمكن الاستغناء عنه للتحرر من سيطرة الشركات الكبرى على نوعية الأفلام المقدمة في السوق، والتي لا تعبر عن ذوق الجمهور». ويلفت إلى أن أكثر ما يميز مبدعي السينما المستقلة أنهم «لا يبحثون عن الشهرة، بل يحاولون تقديم فنهم السينمائي بعد دراسة وإطلاع وحب حقيقي لهذا الفن».

اعتراف غائب

في السياق نفسه، يتذكر المخرج خالد الحجر بدايته مع السينما المستقلة، عندما جمعته رحلة السفر للدراسة في أميركا مع فناني جيله: حاتم فريد وتامر عزت وأحمد حسونة، وهناك تعرفوا على أصول «فن صناعة السينما». لكنهم صدموا عندما عادوا إلى مصر ووجدوا المشكلات تحاصر أفلامهم المستقلة، نظراً لأنها كانت «غير معترف بها» كفن موازٍ للسينما التجارية.

ويؤكد الحجر أنه لم يحقق «نجاحاً يذكر» في السينما المستقلة، رغم أنه حلم كثيراً بالعودة إلى مصر وتقديم أفلام بأفكار جديدة ومبتكرة، يقتنع هو نفسه بها قبل أن يعرضها على الجمهور. مشيراً إلى أنه حقق نجاحاً أكبر عندما أخرج أفلاماً روائية تجارية عرضت في دور السينما، وهي التي كان لها الفضل في تعريف الجمهور به. ويقول «الحجر» إنه يستاء كثيراً عندما يرى المشكلات التي يعاني منها المخرجون المستقلون في مصر، وهو ما عايشه مؤخراً مع زميله المخرج أحمد عاطف عندما قدم فيلمه الأخير «الغابة».

وعن عشق فن «السينما المستقلة»، يؤكد المخرج أحمد سامح أن الفن يعد بمثابة «المرض الذي ليس منه شفاء»، لذا فهو يرى أنه «لابد للمخرج المستقل أن يكون له نفوذ حتى يستطيع تصوير فيلمه وإخراجه للنور. أو أن يكون مصيره، كما هو حال معظم المخرجين المستقلين الذين يملكون موهبة صناعة فيلم قد يصل إلى العالمية، لكنهم يقعون تحت طائلة المعوقات التي يضعها الوسط السينمائي أمامهم».

ويلقي «سامح» اتهاماً صريحاً على المعهد العالي للسينما، الذي يعد المكان الأكاديمي الوحيد المعترف به في مصر، ويقول إنه «لا يمكن الالتحاق به إلا لمن لديه واسطة ومحسوبية، أو يمتلك مبالغ طائلة ليدفع مقابل صقل موهبته». مضيفاً أن هذا الطريق هو «السبيل الوحيد أيضاً للحصول على عضوية نقابة المهن السينمائية، وبالتالي مزاولة مهنة الإخراج السينمائي».

معوقات.. وحلول

ويعدد «سامح» جملة من المعوقات الأخرى التي تواجه المخرجين المستقلين، منها عدم وجود تصاريح للتصوير الخارجي إلا لطلاب «معهد السينما» أو المخرجين المحترفين، لذا يلجأ مخرج الفيلم المستقل إلى تصوير معظم مشاهده في أماكن مغلقة، أو أن يغامر ومعه فريق فيلمه بالخروج إلى الشارع.. وهي «مغامرة غير مأمونة العواقب» كما يقول. مشيراً إلى أنه لو استطاع المخرج المستقل أن يتخطى عقبات «تراخيص» مزاولة المهنة والتصوير، فإن المرحلة الأصعب تكمن في كيفية عرض الفيلم بعد ذلك، فتكون بذلك شاشة العرض الوحيدة المتاحة هي شاشات أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالمخرج وأصدقائه(!).

وكما تحدث المخرجون عن مشاكل «السينما المستقلة»، حرصوا على وضع بعض الحلول لتلك المشاكل، ومنها: إقامة أماكن بديلة لتعليم «فنون السينما» يستطيع الدارسون فيها التعلم بمبالغ مالية بسيطة؛ ويمكن أن تكون تلك الأماكن حكومية أو أهلية. ثم يلي مرحلة التعلم خطوة «البحث عن تمويل»، وهو ما يمكن توفيره بفتح الأبواب أمام «صغار المنتجين» لتمويل أعمال سينمائية مستقلة بتكلفة أقل من الأفلام التجارية. ويشير «خالد الحجر» هنا إلى أنه يمكن لشركات الإنتاج إنجاز أربعة أفلام بتكلفة فيلم تجاري واحد.

وعن مشكلة مخرجي «السينما المستقلة» مع الرقابة، يرى «مينا سليم» أن حلها يكون بالتعامل مع تلك السينما بطريقة مختلفة عن «السينما التجارية»، بحيث تشاهد الرقابة الفيلم «معروضاً وليس مكتوباً»، وهو ما سيجعل الأمر أكثر سهولة من التدخل في سيناريو تلك الأفلام من البداية، لتظل بذلك محتفظة باستقلاليتها.

وآخر المشكلات كانت في إيجاد المكان الذي ستعرض فيه هذه النوعية من الأفلام، وكان الحل على لسان «أحمد سامح» متمثلاً في إيجاد دور عرض سينمائي مخصصة لهذه الأفلام، حتى تستطيع جذب الجمهور. معتبراً أن ذلك من شأنه «إعلاء مكانة السينما المستقلة، وتحقيق المنافسة التي نتمناها مع بعضنا البعض، وأيضاً مع الأفلام التجارية، بعد أن يثبت المخرجون المستقلون أنفسهم»  

أول موقع للسينما العربية المستقلة والأفلام القصيرة

أقام معهد غوته في القاهرة مؤتمراً صحافياً حضره كل من هايكو زيفرس مدير المعهد ومارسيل شيفرين منسق الأفلام والخبير الألماني، وعماد مبروك منسق الأفلام المصري وعدد كبير من المهتمين بصناعة السينما المستقلة في ألمانيا والعالم العربي، تمّ الإعلان فيه عن إطلاق بوابة المعلومات الخاصة بالسينما العربية المستقلة على شبكة الإنترنت، وذلك في إطار مهرجان السينما المستقلة الذي يرعاه معهد غوتة في الفترة من 10 حتى 12 ديسمبر (كانون الثاني) المقبل، وتتاح خلاله الفرصة للتواصل مع صناع السينما ومنسقي الأفلام والخبراء من ألمانيا والعالم العربي.

ويهدف مشروع الأفلام القصيرة على شبكة الإنترنت، كما يقول المنظمون إلى زيادة الوعي بالسينما العربية المستقلة وعرض ذلك التنوع والجودة العالية التي يتمتع بها الإنتاج العربي لأفلام السينما المستقلة على شريحة أكبر من الجمهور، حيث تم تكليف تسعة من منسقي الأفلام من تسع دول عربية باختيار أفلام لشباب صناع السينما، ووضعها معا ضمن برنامج مشترك، ويمكن مشاهدة هذه الأفلام على موقع «www.arabshorts.net» على شبكة الإنترنت مباشرة، فضلا عن وجود معلومات على هذا الموقع حول كل من صانعي الأفلام، إلى جانب معلومات عن صناعة الأفلام المستقلة في الدول العربية.

والموقع هو الأول من نوعه المخصص للسينما العربية المستقلة، حيث إنها تعدّ المرة الأولى التي يمكن فيها مشاهدة إنتاج لأفلام السينما العربية المستقلة على شبكة الإنترنت، وذلك في إطار يتميز بالقيمة والجودة العالية ورقي التحرير.

وقام الخبير الألماني شيفرين بوضع تصوّر لهذا المشروع بالتعاون مع معهد غوتة القاهرة، وقد أمدّه منسقي أفلام بالدول العربية التسع بالمواد الفيلمية والنصوص، أما الاشراف على الموقع فتقوم به عليا حمزة.

ومارسيل شيفرين هو مخرج ومنسق أفلام ألماني، بدأ حياته المهنية من خلال إخراج العديد من الأفلام الوثائقية والتجريبية، وبعد تخرجه من جامعة «براونشفايج» بدأ العمل في مجال التنسيق، حيث كان المنسق لعدد من برامج المهرجانات الشهيرة في ألمانيا مثل مهرجان الأفلام القصيرة «وبرهاوزن»، وهو مؤسس مشارك لقاعدة معلومات على الإنترنت للأفلام المستقلة.

أما عماد مبروك فهو منسق الأفلام المصرية في المهرجان، ويعمل كصانع أفلام ومبرمج ثقافي قدّم عددا من الأفلام من إخراجه، منها «الميت مش هايزعل» و«بنت البقال» و«لون الحياة»، بينما قام كل من بشرى خليلي وهشام فلاح بتنسيق الأفلام المغربية، ومن تونس إقبال زليلة، وهو مدرّس مساعد في دراسات الأفلام بالمعهد العالي للفنون في تونس، ومن سورية عروة نيربية، وهو منتج ومخرج سينمائي مستقل والمدير الفني لمهرجان سينما الواقع الدولي للفيلم التسجيلي، وعمل كمخرج مساعد في عدد من الأفلام الروائية السورية، ومن لبنان رشا سالتي، وهي منسقة فعاليات ثقافية مستقلة وكاتبة حرة تعمل وتعيش بين بيروت ونيويورك، ومن فلسطين لارا خالدي، وتعمل كمديرة مساعدة في مؤسسة الشارقة للفنون، ومن الأردن آلاء يونس، وهي فنانة ومخرجة ومنسقة برامج.

أما الأفلام المقدّمة من دول الخليج فقد قام بالتنسيق فيما بينها «هيج إيفزيان»، وهو من أصول كندية، ويعيش ويعمل في دبي منذ مطلع التسعينيات.

أوان الكويتية في

19/01/2010

 

منتصف القرن.. هوليوود الذهبية

منى كريم 

في الحلقة السابقة اكتملت نصف القائمة بأفلام الكوميديا الأميركية التي حصدت نجاحاً باهراً بين النقاد والجمهور، وهذه المرة أيضاً تبقى هوليوود مسيطرة من خلال الأعمال الغنائية والرومانسية وأفلام الجريمة، حيث نجد أن أغلبها دخل ضمن ذاكرة الإرث الأميركي للسينما الذي يتضمن مئات الأفلام الناجحة والمميزة في تأثيرها على ما جاء بعدها من الأعمال.

في بداية هذا الجزء من القائمة تعود الأفلام الغنائية مع فيلم «التق بي في سانت لويس» وهو فيلم رومانسي يتحدث عن حياة 4 أخوات يعشن في سانت لويس في بداية القرن العشرين. الفيلم من تمثيل جودي غارلاند ومارغريت أوبراين وماري أستور ولوشيل بريمير وتوم دراك وليون أميس ومارجوري ماين وجون لوك هارت وجون كارول ومن إخراج فنسنت مانيلي الذي التقى بزوجته الأولى جودي غارلاند في هذا العمل. الفيلم مقتبس من سلسلة قصص لسالي بينسون نشرت في مجلة «النيويوركر» ومن ثم في رواية «5135 كنغستون»، وترشح العمل لسبع جوائز أوسكار واعتبرته مكتبة الكونغرس من أهم الأعمال الأميركية بالإضافة للدخول إلى قائمة أفضل مئة فيلم أميركي كوميدي.

ومن ثم يجيء فيلم «الغروب في بولفار» وهو فيلم إجرامي من العقد الخامس للقرن العشرين من إخراج بيلي وايلدر حيث تجيء التسمية من شارع بولفار الذي يمتد من مدينة لوس أنجليس حتى بيفرلي هيلز في كاليفورنيا. الفيلم من بطولة وليام هولدن وغلوريا سوانسون كما شارك فيه بعض نجوم السينما الصامتة مثل آنا نيلسون وبستر كيستون. الفيلم استقبل بالنقد الجيد منذ انطلاقته وترشح لـ 11 جائزة أوسكار ليحصد ثلاثا منها، ويصبح حتى الآن من الأعمال الكلاسيكية البارزة التي درست كثيراً ضمن دراسات السينما الكلاسيكية الأميركية، واحتل المرتبة الثانية عشرة في قائمة أفضل فيلم أميركي.

وفي المرتبة الثالثة والخمسين، يظهر فيلم «المحادثة» من العام 1974 من تأليف وإخراج فرانسز فورد كوبولا وتمثيل جين هاكمان وجون كازال وآلين غارفيلد وسندي وليامز وفريدريك فورست. وحصل الفيلم على جائزة النخلة الذهبية من مهرجان كان الفرنسي في العام ذاته، كما ترشح لثلاث جوائز أوسكار لأفضل فيلم وصوت ونص سينمائي دون أن يحصد أياً منها. وفي العام 1995 تم اختياره ضمن التراث الوطني للأفلام الأميركية من قبل مكتبة الكونغرس، كما حصد بشكل مستمر على إشارات نقدية هامة أكدت على تأثر الفيلم بعمل «بلو آب» من إخراج مايكل آنجلو أنتونيوني الذي خرج قبل عمل كوبولا بـ 8 أعوام.

وتعود القائمة باسم كبير يعرفه الجميع هو فيلم «ذهب مع الريح» المقتبس من رواية رومانسية صدرت العام 1936 كعمل يتيم للروائية مارغريت متشيل حيث تدور القصة في مدينة جورجيا خلال الحرب الأهلية الأميركية وتتبع فيما بعد حياة سكارلت أوهارا ابنة مهاجر إيرلندي. وحصلت الرواية على جائزة البولتزر العام 1937 ومن ثم تحولت إلى فيلم بعد عامين من صدورها، فمسرحية موسيقية في السبعينيات لتصبح عملاً تاريخيا مازال يباع ملايين النسخ منها حتى اليوم. الفيلم من إخراج فكتور فليمنغ، وحصد عشر جوائز أوسكار وهو رقم قياسي لم يحطمه أحد لمدة عشرين عاما، ومازال يحمل رقماً قياسياً من حيث مبيعات التذاكر في أميركا الشمالية وبريطانيا ليكون بذلك من كلاسيكيات العصر الذهبي لهوليوود ويدخل الكثير من القوائم دون أن يحصل على أقل من المرتبة الرابعة في أي من قوائم معاهد ومكتبات السينما في الولايات المتحدة.

وفي النهاية، يختتم هذا الجزء من القائمة بفيلم الجريمة الأميركي «لمسة الشر» الذي خرج العام 1958 من تأليف وإخراج وتمثيل أورسون ويلز بمشاركة شارلتون هيستون وجانيت لي وجوزيف كاليا وأكيم تاميروف ومارلين دايترش، ويعتبر من أفضل أعمال أفلام الجريمة بالأبيض والأسود التي خرجت في العقدين الرابع والخامس من القرن العشرين. وحصل الفيلم على الترتيب الـ 64 في قائمة معهد الأفلام الأميركي، وتمت الإشارة إليه في عدة أعمال أخرى مثل «شبح الفردوس» لبرايا ندي بالما و«غابة إيد» لتم بورتن و«غيت شورتي» و«سنيكرز» و«اللاعب» وغيرها من الأعلام المسرحية والتلفزيونية.

أوان الكويتية في

19/01/2010

 

½ ملغ نيكوتين

أنور محمد 

هو الفيلم السوري الأحدث الذي يغامر بإنتاجه القطاع الخاص، إنتاج شركة الشرق للإنتاج الفني والتلفزيوني بإشراف الدكتور نبيل طعمة، والفيلم من تمثيل خالد تاجا، عبدالفتاح مزين، حسن سليمان، رهام عزيز، مي اسكاف، والطفلين زين حمدان وسهاد الصارع، ومن إخراج محمد عبدالعزيز.

الفيلم لا يعايش، ولا يقدم الحياة الدينية لأبطاله، بل يسعى لإعمال العقل في الكشف عن العاطفي في المعتقد لصفته الغطاء الذي تختبئ فيه أفعالنا، فنحب ونعشق ونغضب ونثور، وربما لا تعود تربطنا به صلة قرابة، لأن المعتقد فعل واقعي وليس تخييلي أو خيالي، وهذا ما قام به المخرج محمد عبدالعزيز، فوجدنا اجتماع الثقافتين الدينيتين لكل من المسلم والمسيحي، بفعل الحب هنا، على صعيد الفيلم كان حبا عذريا طبعا، نحن نتمنى أن يعير حبا ماديا فعلا واقعيا. مع ذلك فالمخرج محمد عبدالعزيز، لم يعتد على الحرية الشخصية، ولا على الحياة الروحية لأبطال الفيلم، بل هو روّض الغرائز عند كشفها، كشف قبحها وجمالها، ضعفها وقوتها، وكيف تتغير تغيرها الثقافي. بالمقابل تركنا نرى شخصياته كيف تعيش المعتقد الديني: عبد الفتاح مزين، رهام عزيز، خالد تاجا، مي اسكاف، حسن ليمان، رهام عزيز، والطفلين زين حمدان وسهاد الصارع، وهي تنوس بين الوجود والعدم، وكيف يهيمن ويسيطر المعتقد، وكيف تتحلل منه أو من سطوة العقل النقدي الاتباعي الذي أسقط ما أسقط، وارتكب جرائم من مثل تكفيره للعقل النقدي/ العقل الإبداعي الذي أسس مشروع النهضة العربية الذي قام على يد الإمام محمد عبده، وشبلي شميل وفرح انطون وعلي عبدالرزاق وآخرين، الى تكفير طه حسين. نصف ملغ نيكوتين، لعله الفيلم السوري الأول الذي يحفر في مناطق ماتزال بكرا في الحياة العقلية العربية، فيذهب إلى المقدس، إلى المحرّم، لكن الذي حرمه الله في كتبه وفي أحاديث أنبيائه ولي إلى المقدس أو المحرم الذي حرمه سدنته، فيثير جدلا بين فكرتين متناقضتين مختلفتين متصارعتين ودون مبالغة ولا سخرية، بل بكثير من التأمل ويسأل: من الذي يدنس المقدس؟؟! والجواب لا يريده أن يتم بالعصي والسكاكين، بل بالجدل/ المجادلات الثقافية، لا بالحروب الثقافية فهو يشعل/ يقيم جدلا، ولا يثير حربا. فالفيلم أو الفنون عموما، عندما تتبنى قضايا فكرية معاشة، فهي تدفعنا لنتأمل الجمال.

الفيلم، ومن الناحية الفنية، كان مليئا باللقطات المؤثرة لقاء كمال وأروى، ثم حين جلست ليرسمها، وكشفت عن وجهها لأول مرة، محاولة شنق خالد تاجا لنفسه ثم عدوله عن الفكرة. محاولة تقبيل الطفل زين أصابع قدمي حبيبته سهاد، وهما على سطح العمارة، بعد أن زين لها أظافرها، قيام الطفل زين بنشر الملابس الداخلية للمومس، وما لها من رمز للإثارة الجنسية، مسك الشيخ زكريا عبدالفتاح مزين لفرشاة الرسم، حين قام يرسم لوحته فوق سطح مسجد أحد أولياء الله الصالحين، فيصاب بالعمى. وفوق ذلك اعتماد المخرج محمد عبدالعزيز السرد البصري، إذ كان في لقطات كثيرة من الفيلم يحدثنا بالإشارات والحركات، وفي هذه لم تفلت الشخصيات من مراقبته بفعلها ورد فعلها، سواء الجسدي أو السيكولوجيا، فمعظمها كانت تشغلنا سواء كمال أو زين أو زكريا أو ناديا بمظهرها العاطفي والأخلاقي الذي لم يكن مظهرا متكلفا أو مبتذلا، بالعكس كان المخرج ينزع عن شخصياته تلك القشرة الكاذبة، فترى سيالات النظام العصبي لأفكارها، وهي تنزل وتصعد، ما بين المخ والقلب. فيلم نصف ملغ نيكوتين لمحمد عبدالعزيز فيه جرأة شديدة في هجاء ونقد الذي لم نكن نقدر أن ننقده.

أوان الكويتية في

19/01/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)