حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

يعتز بتكريمه في مهرجان القاهرة

أحمد راشدي: السينما العربية تعاني رداءة السيناريو

حوار: محمد هجرس

على الرغم من أن السينما الجزائرية حصلت على العديد من الجوائز أهمها السعفة الذهبية من مهرجان “كان” والأسد الذهبي من مهرجان “فينسيا” إلا أنها لم تصل بعد للمشاهد العربي، ووصفت بأنها تصنع للمهرجانات، وهو ما ينفيه المخرج الجزائري الكبير أحمد راشدي الذي التقيناه على هامش مهرجان دبي السينمائي الدولي في دورته الأخيرة والتي كان أحد المحكمين . ويرى أن السينما الجزائرية تفتقر للموزع بسبب اللهجة، موضحاً أن السينما العربية عموماً تعاني من مشاكل عديدة أهمها السرد والإيقاع ودعا إلى ضرورة قيام الفن بضرب الخطر والأعداء الحقيقيين بدلاً من إشعال النار بين الشعبين المصري والجزائري، وقال إن السينما المصرية مليئة بالأعمال التي تستحق المشاركة في “كان” . إلى نص الحوار:

·         أنت أول مخرج عربي يحصل على جائزة في “كان” ترى ما السبب وراء عدم حصول مخرجين عرب عليها؟

جائزة “كان” حكاية كبيرة والكلام عليها كثير، لأن بالمهرجان لجان تحكيم هي التي تقرر من يفوز لأنهم يبحثون سنوياً ما هي المواضيع التي تختلف عن التي سبقتها، وهي لجان مهمتها التدقيق بدرجة يصورها البعض على أنهم يبحثون عن الأفكار التي تتناسب مع الأيديولوجية الغربية، وهو كلام خاطئ لأن كل الأعمال السينمائية أصبحت متشابهة .

·         تقصد أنها لا تعتمد على الأفكار الجديدة غير المستهلكة في السينما؟

نعم، بدليل أن الجائزة ذهبت منذ عامين إلى الفيلم الأمريكي “بولينغ من أجل كولومباني” وهو وثائقي للمخرج مايكل مور، وموضوعه هو الذي دفع اللجنة لاختياره للجائزة لأنه يبحث عن أسباب العنف المتفشي في الولايات المتحدة الأمريكية وارتفاع نسبة الجريمة فيها .

·         وهل أعمالنا العربية تجارية ومواضيعها سطحية؟

لا أريد تأكيد ما تقوله لأن أي عمل سينمائي تجاري فيه شيء فني، وإن كان اهتمام المنتج تحقيق ربح، فحقه مشروع لأن أي عمل لا بد أن يغطي تكاليفه على الأقل، إنما هناك رؤية مختلفة دائماً للعديد من المخرجين عن رؤية صاحب رأس المال، ولكنهم يقتربون من الربح بفن ورؤية تحقق أفكارهم وأفكار المنتجين .

·         إذاً أنت تدعو لصناعة سينما من أجل المهرجانات فقط؟

أبداً لأن صناعة الفيلم من أجل المهرجان فقط خيبة كبيرة لأنه يصبح عديم الفائدة، فأي عمل سينمائي من دون جمهور لا يعد عملاً، لأن الحكم هو العرض على الشاشة، وتوزيعه في الخارج .

·         العديد من النقاد يؤكدون أننا لا نجيد فن الوصول إلى مهرجان “كان” باستثناء المخرج الراحل يوسف شاهين؟

حصول يوسف شاهين على جائزة “كان” كانت على مجمل أعمال وهو في حد ذاته تكريم لشخصه واعتراف بأستاذيته، وللسينما العربية بصفة عامة، واعتقد أن السينما المصرية مليئة بالأعمال التي تستحق الحصول على جائزة “كان” لكن لم تعرف طرق الوصول المعروفة لدى كل صناع السينما وهي عدم خروج الفيلم إلى الخارج، أو توزيعه أو عرضه، وان يكون عرضه في مهرجان “كان” لأول مرة .

·         وماهي معوقات السينما العربية؟

المعوقات محصورة في السيناريو الذي اعتبره أهم العوائق التي تواجه صناع السينما، خصوصاً المخرجين، ويجب الاعتراف بأن السينما العربية تعاني عناء شديداً من رداءة السيناريو ولا يوجد متخصص في السرد السينمائي الذي يعتني بالإيقاع بعد عبدالحي أديب ويوسف جوهر وغيرهما من الذين رحلوا، ومعظم كتاب السيناريو لدينا هواة، ولا يعرفون صناعته، ويجهلون الجديد فيه، ويتكالبون فقط على الظواهر الاجتماعية التي تمر بها المجتمعات من دون التركيز على المشكلات المزمنة التي تعاني الشعوب العربية منها، وعليهم أن يعرفوا أن السينما العالمية تركت الجوانب التي مازالوا ينهلون منها وتوجهت إلى العلم والخيال العلمي .

·         هل تقصد ضرورة الحلم على الشاشة؟

إذا لم نحلم من خلال السينما بعالم أفضل خال من الحروب والفقر والأمراض التي تعد الثالوث القاتل لمنطقتنا العربية التي مازالت تعيش على الهامش سنبقى “محلك سر”، ولن نكون فاعلين حتى لأنفسنا .

·         وما الحل من وجهة نظرك؟

أن تتجه السينما للأعمال الأدبية، وهي موجودة بكثرة لدينا ولا يمكن أن ننسى نجاح العديد من المخرجين الذين اتجهوا إلى هذا الطريق مثل يوسف شاهين وصلاح أبوسيف وحسن الإمام وأحمد يحيى والعديد .

·         وأين أنت؟

أنت تسألني عن الحل من وجهة نظري، لذلك اتحدث في المطلق وأنا أجهز لعمل كبير عن الكرامة العربية .

·         إذاً ما سمعناه عن إقبالك على اخراج فيلم في مصر صحيح؟

نعم وهو عمل ملحمي عن العبور الذي كسر أسطورة الجيش “الإسرائيلي” الذي لا يقهر على يد الجيش المصري بمساعدة الجيوش العربية .

·         هل تتطرق فيه لدور القادة؟

مطلقاً، إنما العمل يتعرض للجندي البسيط الذي ذهب ليدافع عن قضية يؤمن بها، وهو الجانب الذي لم تتناوله السينما .

·         فيلم “الرصاصة لاتزال في جيبي” لمحمود ياسين تعرض لتلك القضية؟

نعم، ولكن لم يكن تناوله بالشكل المطلوب الذي يرضيني كفنان يملك رؤية جديدة عن حرب أكتوبر العظيمة، لأنني رأيت أغلب الأفلام السابقة عن حرب العبور الذي يشكل جزءاً مهماً من الذاكرة العربية، وكلنا كفنانين وجمهور عربي نرغب في رؤية أمجادنا العربية .

·         ومن كاتب الملحمة؟

ليس هناك كاتب محدد حتى الآن، ولكن القصة مستمدة من عدة كتب أهمها مذكرات الفريق سعد الدين الشاذلي ومن الجرائد التي كتبت عن العبور بجانب مذكرات بعض الكتاب الذين كانوا داخل الحدث وكتبوا من وجهة نظرهم .

·         بعض المخرجين من الجزائريين أجمعوا على وجود معوقات في صناعة السينما الجزائرية، فما هي من وجهة نظرك؟

السينما الجزائرية وصلت بنسبة كبيرة للعالمية، لأنها انطلقت من نقاط جديدة لم تطرقها السينما العربية، وركزت على الموضوع أكثر من النجم، لذلك نجحت في المهرجانات . وتتميز أيضاً بتعدد مدارسها فهي نهلت من روسيا وفرنسا ومصر وألمانيا وإيطاليا، ما جعل كل عمل يختلف عن الآخر، ومواضيعها مليئة بالعمق، ورغم ذلك استطاع صناعها التوفيق بين الفن والتجارة لأنها صناعة في النهاية، ورغم ذلك نحن نواجه مشكلة كبيرة تنحصر في عدم وجود موزع .

·         وما سبب رفض الموزعين للسينما الجزائرية؟

لأنهم لا يرون فيها نجوماً، ومشاهد ساخنة وهي وجهة نظر رأسمالية .

·         ما رأيك في الإنتاج المشترك، خصوصاً أنكم من الذين اعتمدوا على الإنتاج الفرنسي؟

الإنتاج الفرنسي للسينما الجزائرية ضعيف جداً، وتحولنا إلى مصر من أجل وضع جسور فنية بيننا وبين الفن المصري، لأن تلك هي الوسيلة الوحيدة للوصول إلى العالمية خاصة أن التاريخ بيننا مشترك واللغة مشتركة وهي أشياء تدخل في مقومات الإنتاج المشترك، ولو لم نفعل ذلك فإن السينما العربية ستموت في ظل أن أغلب الأفلام تمول من أوروبا ما يجعل المخرج في الغالب يتنازل عن الكثير من الأمور ويخضع لأفكار الغرب وايديولوجيته لإنتاج فيلمه .

·         إذاً قدمت تنازلات لأنك أخرجت أعمالاً بإنتاج فرنسي؟

لم يحدث أن قدمت أي تنازلات أو فرضوا عليّ أي عقيدة لا أؤمن بها، وكنت خارج تلك الدائرة .

·         خرجت أنت ووقع فيها غيرك، تقصد هذا؟

مطلقاً، ولكن كلامي خوف من الوقوع تحت تأثير الآخر .

·         وأين دورك كأحد مخرجي الجيل الكبار؟

دورنا كجيل قديم أن نستمر في بناء جسور الفن العربية للوصول بالسينما للعالمية، من خلال طرح أفكار تعبر عنا كعرب نملك التاريخ والجغرافيا، وتعلم منا الغرب وهي رسالة يحملها كل المخرجين الكبار .

·         وإلى متى تبقى السينما الجزائرية تصنع للمهرجانات؟

لا تصنع للمهرجانات وقضيتنا هي عدم وجود موزع، ونواجه دائماً بأن لهجتنا غير مفهومة، والحقيقة أن الوسيلة الوحيدة لأن تصبح مفهومة هي أن تصل أفلامنا للمشاهد العربي، فاللهجة المصرية أصبحت مفهومة بواسطة السينما والأعمال الفنية، لأن العرب تعودوا عليها بعد أن فتح السوق أبوابه للأفلام المصرية، وكذلك السورية بدأت معروفة لفتح السوق أمامها .

·         لكن اللهجة ستبقى العائق بينها وبين الجمهور العربي؟

مطلقاً، افتحوا السوق أمامها ولا يمكن أن نكرر مسألة أن اللهجة تشكل عائقاً لأنها خصوصية في السينما الجزائرية، وتمتلك العالمية وللتعرف عليها يمكن إيجاد لهجة ثالثة مثل الصحافة التي تعد مفهومة للجميع، وعن نفسي أقول إن اللهجة ليست مشكلة ولدي استعداد لترجمة الأفلام لأي لغة مطلوبة حتى تصل للجميع .

·         وهل يمكن التفاهم بعدما حدث بين مصر والجزائر بسبب كرة القدم؟

ما حدث كارثة، وانا كنت موجوداً وقت الأحداث في مصر لتكريمي في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وتملكني الغضب مما حدث من الطرفين اللذين يجهلان تاريخ مصر في تحرير الجزائر، وعظمة الجزائر وشعبها عندما يقف ضد الشائعات التي تطلق على مصر، ولذلك خرجت بنتيجة أن وراء ذلك جهات هدفها ضرب العلاقة بين البلدين، وتساءلت: أين دور المثقفين والإعلاميين الذين كانوا الفتيل الذي تحول إلى نار في الهشيم؟

·         وأين دور الفن؟

المسألة خرجت عن هذا النطاق بسبب الإعلام، وأي فنان قام بدور سلبي، فهو غير مؤهل لأن ينتمي للفن الذي لا يمكن أن يضرب الوحدة العربية والأولى بنا أن نضرب ونقاطع الخطر الحقيقي والأعداء الحقيقيين .

·         هذا رد على من طالب بضرورة سحب تكريم مهرجان القاهرة السينمائي منك؟

نعم، والتكريم لم يصدر بشأنه أي شيء رسمي حتى الآن، وأعتز به مثل باقي التكريمات التي حصلت عليها في مسيرتي الفنية .

الخليج الإماراتية في

02/01/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)