حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

«كتاب قانون» ليس للعرض خارج إيران

طهران - ندى الأزهري

بعد منع امتد لعامين أجيز فيلم «كتاب قانون» للمخرج مازيار ميري، وها هو الآن في دور العرض الإيرانية وعلى صفحات الجرائد يثير الجدل والانتقادات العنيفة حيث اعتبره البعض «إهانة للمسلمين الإيرانيين»، فيما هاجم آخرون النساء غير المحجبات في الفيلم واللواتي سيجذبن انتباه الرجال «ذوي النيات السيئة». كما لقي العمل هجوماً من قبل نائبين محافظين، ووجه طلاب من «حزب الله» الإيراني رسالة احتجاج في شأنه إلى معاون وزير الثقافة والإرشاد لشؤون السينما. أما مدير هيئة التحقق من الأفلام فقد صرح أن الفيلم «جيد»، لكنه «ضد عرضه خارج إيران»، وعاب نقاد على الفيلم المبالغة وضعف السيناريو وإغراقه في السخرية من المسلم الإيراني التقليدي الذي لا يهتم سوى بظاهر الدين الى درجة تشعر المرء «بالأسف» لكونه إيرانياً.

حداد سينمائي

ويعرض الفيلم في دور سينما عدة في طهران، حين توجهنا نحو إحداها في شمال العاصمة بعد اجتياز صعاب زحمة السير المسائية اليومية، بدا كل شيء مقفلاً والظلمة تخيم على المكان، وقد غطت أقمشة سوداء لافتات الأفلام المعلقة. بدت السينما مغلقة على رغم أنه لم يكن يوم عطلة، وخيل لنا لوهلة أن منعاً مفاجئاً طاول تلك الأفلام، إنما بعد الاستفسار جاء الجواب «السينما مقفلة. إنها ذكرى شهادة الإمام محمد التقي» (الإمام التاسع). في اليوم التالي دبت مظاهر الحياة أمام السينما وداخلها وتوزعت مجموعات بين مقهى السينما وردهة الانتظار الأنيقة، فأبواب قاعة العرض لا تفتح إلا قبله مباشرة.

كان لبنان حاضراً في الشريط، فثمة وفد ثقافي توجه إليه في مهمة رسمية بينهم رحمان (برويز برستويي، أحد أفضل الممثلين في إيران). وفي بيروت، تثير المترجمة جولييت (دارين حمزة) انتباهه بجمالها وثقافتها وإتقانها شعر حافظ. حين يعود في رحلة ثانية يجدها وقد وضعت الحجاب وتحول اسمها إلى آمنة، يتزوجها ويصطحبها إلى طهران. هناك، تبدأ المشاكل مع عائلته، الأم والخالات والأخوات يضايقنها لأي سبب، وهن يقضين وقتهن في الغيبة والنميمة ولا يؤدين الصلاة في وقتها ويقتصر تمسكهن بالدين على مظاهره. تقوم آمنة مسلحة بكتاب «الأخلاق» بتعريفهن بجوهر الدين، محاولة إصلاحهن وإصلاح كل المجتمع من حولها من البائع المعدوم الضمير إلى اللحام الغشاش فضيوف العائلة، كاشفة الكذب والغش والرياء. بيد أنها وبعد فشلها في مهمتها وشعورها بالوحدة أمام ما يواجهها من مقاومة وانقلاب زوجها عليها على رغم حبه لها تقرر العودة إلى لبنان والاهتمام بأيتام الحرب في بنت جبيل. لكن الخاتمة السعيدة كانت في انتظارها حين يقرر زوجها البحث عنها وإرجاعها.

يسخر العمل بشدة من طريقة المجتمع في فهم الدين وتطبيق تعاليمه، وينتقد الاهتمام بمظاهر الدين على حساب جوهره القائم على الأخلاق وذلك من خلال إظهاره سلوكيات عائلة تقليدية إيرانية متدينة. ويبدي المرأة متسلطة محبة للغيبة ومتعلقة بقشور الدين فالأم تنتقد زوجة ابنها لأنها دخلت الحمام بالقدم اليمنى، ولا تأكل من طعامها، إنما لا تتوانى عن النميمة وتدبير المؤامرات ضدها ومحاولة تزويج ابنها من زوجة ثانية على مزاجها. ولا يبدو الرجل الإيراني بحال أفضل. فهو متقلب ومتردد ولا يظهر ما يضمر، وتنهمر المشاهد (الموفقة فنياً) التي تعطي هذه الصورة، ففي المطعم في لبنان يأتمر الجميع بأمر رئيس المجموعة «المتدين» ولا يجرؤون على مخالفته، أمامه لا يحق لهم هز رؤوسهم طرباً ولا تناول اللحم خوفاً من أن يكون لحم خنزير أو غير حلال، لكنهم يغتنمون فرصة نوم الرئيس كي يذهب كل واحد بمفرده لتناول الطعام واللحوم بعيداً عن نظرات الآخرين.

نفاق

يقسم السيناريو المجتمع إلى فريقين أحدهما غير مبال حقاً بتعاليم الدين (الزوج وبقية أعضاء وفد العلوم الإنسانية) والثاني «متدين» ولكن تدينه يتسم بالسطحية والبعد عن الجوهر. ويهاجم النفاق الاجتماعي والديني. وتنعدم في العمل الشخصيات والأفعال الإيجابية، إلا إذا كان في اعتبار السيناريو «المضمر» أن تحول (جولييت) نحو الإسلام، حصل بفضل ملاحظة رئيس الوفد الإيراني لها حين أهداها «كتاب أخلاق» بالفارسية وهو عن تعاليم الدين، برغبته برؤيتها محجبة في الزيارة الثانية. وهو التفسير الوحيد إذ لا نرى أي تطور في الشخصية يستدعي هذا التغيير، ولا يوجد في الفيلم ما يبرر حقاً الأسباب التي أدت بالشقراء اللبنانية، التي كانت أصلاً مغرمة بالثقافة الفارسية، إلى دخول الإسلام. فالسيناريو يغفل تماماً الدخول في هذه التفاصيل (المحرجة؟). وباستثناء شقيقة رحمان الصغرى، التي مثلت الجيل الشاب ولعلها الأمل الوحيد الذي أراد العمل أن يزرعه، لا يبدو صانعو الفيلم ميالين إلى إظهار شخصية إيجابية الى درجة أنهم يحيلون ما هو إيجابي لدى الإيرانيين، على سبيل المثال حب الإيرانيين تقديم هدايا للآخرين سواء أكانت ثقافية (كتب) أم مادية (الفستق والسجاد)، إلى خصائص سلبية ويسخرون منها، كما يبديهم السيناريو غير مهتمين بما يجري في الاجتماعات الرسمية الخارجية حيث ينصب جل همهم على الأكل والنوم، وهذه صورة فيها الكثير الكثير من التجني.

يحسب للعمل جرأته في طرح الفكرة بيد أن المعالجة جاءت سطحية وكأنها «اسكتشات» حول فكرة أساسية لم يتم استغلالها على الوجه الصحيح، صحيح أنه نجح في التقاط بعض سلبيات المجتمع الإيراني إلا أنه اكتفى بالتقاطها ولعب على المبالغة في إظهارها، محاولاً، ربما، تمريرها رقابياً بتركيبه هذه الشخصية «المؤمنة» وكأنها المثال الحق بحيث بدت تلك الوافدة وكأنها سيف مسلط على رقاب المجتمع، فهي تريد التدخل في كل شيء وفرض الدين «الصحيح» من وجهة نظرها، فما الذي يفرقها إذاً عن مدير الوفد «المتدين» في أسلوب فرضها طريق الصواب؟!

لقد وقع الفيلم بهذا في الفخ نفسه الذي أراد تجنيبه لأفراد مجتمعه.

الحياة اللندنية في

11/12/2009

 

حاتم علي: أفلامنا تعاني مشكلة إنتاجية

القاهرة - رضوى الفقي 

شارك الفيلم الروائي السوري الطويل «الليل الطويل» للمخرج حاتم علي في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي لهذا العام. وعن هذا الفيلم يقول حاتم علي لـ «الحياة»: «تدور أغلب أحداث فيلم «الليل الطويل» في الليل حيث يطلق ذات مساء سراح ثلاثة من السجناء السياسيين فيما يتم التحفظ على الرابع. وتتبع أحداث الفيلم ردود أفعال عائلاتهم التي عاش بعض أفرادها تحت ضغط متطلبات الحياة اليومية الصعبة أو هم ينتظرون طوال الليل رجوع ذويهم».

شارك في تمثيل هذا العمل السينمائي الكثير من الممثلين السوريين ومنهم «خالد تاجا وأمل عرفة، وباسل خياط وكذلك حاتم علي الذي قام بدور أحد الأبناء المهاجرين إ‍لى فرنسا والذي يعود الى الوطن لرؤية أبيه».

يقول حاتم علي: «ما يهمنا من هذا العمل هو توضيح الظروف التي يعيش فيها هؤلاء الأشخاص وهي سيئة كما اننا نريد من خلال هذا الفيلم أن نتطلع إلى الأمام وهذا هو هدف السينما وليس فقط في سورية وإنما في كل البلدان حيث يجب أن تهدف السينما الى التغيير نحو الأفضل».

ويشير علي إلى أن المؤ‍لف هيثم حقي له دور كبير في إنجاح هذا العمل خصوصاً أنه عمل كثيراً في الدراما السورية وهو صاحب فكرة العمل بالكاميرا الواحدة، «شاركت معه في مسلسل «دائرة النار» كما انه وضع كتاباً حول السينما والتلفزيون. ولقد أنتج هيثم حقي لي في البداية بوصفه كاتباً أما «الليل الطويل» فلم يكن أول الأفلام التي يشارك بها هيثم حقي في مهرجان للسينما فلقد تقدم من قبل بفيلم «بصرة» لأحمد رشوان وكذلك قدم «روداج» أو «رقصة النسر» لعبد الحميد عبد اللطيف».

ويذكر حاتم علي أن «الليل الطويل» نال الكثير من الجوائز ومنها الجائزة الكبرى في مهرجان مدينة تاورمينا السينمائي الدولي في إيطاليا، وكذلك في مهرجانات أخرى كمهرجان «أوسيان ستي» في الهند. وعند سؤاله عما إذا كان هذا النوع من الأفلام سينجح على المستوى التجاري، أجاب: «عندما نتحدث عن وضع هذا الفيلم تجارياً فيجب أن نناقش أولاً الوضع الثقافي خصوصاً أن مثل هذه الأفلام قد لا تناسب المستوى التجاري».

ويوضح علي أن أغلب المخرجين السينمائيين في سورية هم في الأصل مخرجون للتلفزيون وهذا يظهر واضحاً من خلال غياب السينما السورية مقارنة بالدراما السورية. ويرجع علي السبب في ذلك إلى الصعوبات السينمائية في سورية ومنها عدم وجود سوق ما يجعل الفيلم السوري يعاني في شكل جدي من أزمة إنتاج وهذا ما أدى إلى تطوير مدرسة الإخراج وخروجها من حدود اللغة.

أما بالنسبة الى الرقابة فيشير حاتم علي الى أنه عندما قام هيثم حقي بعرض نسخة من الفيلم للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون في سورية لم يجد أية مشاكل، بل إن أحد الكتاب أشاد بالسيناريو قائلاً أنه بكى عند نهاية الفيلم ولكن عندما عُرض الفيلم على رقابة الجهات الثقافية لم يقرر السماح بعرضه في الصالات أو ما يسمى بالعرض التجاري بينما أخذ حقي الموافقة على العرض التجاري لفيلم «بصرة» والذي سيعرض في سورية مع انه لم يعرض في مصر بعد.

وعن إمكان إخراج حاتم علي لفيلم عربي تاريخي مشترك، يرى أن هذا النوع من الإنتاج مختلف نوعاً ما «فالأفلام التاريخية تواجه مشكلة كبيرة وهي أن السوق العربية سوق محدودة وتعاني أزمة اقتصادية، وأعتقد أن هذا النوع من الإنتاج ليس ضرورة ملحة خصوصاً أن موازنتها ستكفي لصنع خمسة أو ستة أفلام يحتاج المشاهد العربي إلى قيمتها. وفي الفترة الأخيرة كان من المفترض أن أخرج عملاً تاريخياً وهو «محمد علي باشا» من بطولة الفنان يحيى الفخراني إلا أن الفيلم تعترضه مشاكل إنتاجية كثيرة».

يذكر أن حاتم علي ولد عام 1962 في سورية ودرس المسرح ونشر كتابين يضمان مجموعة من القصص القصيرة وكتاباً ثالثاً يضم نصوصاً مسرحية، وعمل أستاذاً لفن التمثيل في دمشق وكتب مجموعة من السيناريوات للمسلسلات.

وكانت أول جائزة لحاتم علي كمخرج في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون عن فيلم «آخر الليل» مع الكاتب عيد المجيد حيدر وهو اخرج في عام 2009 فيلمين سينمائيين هما «سيلينا» و «الليل الطويل».

الحياة اللندنية في

11/12/2009

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)