حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

فيلم (حبيبتان) TWO LOVERS 

اضطراب رجل بين امرأتين

فلاح كامل العزاوي

هذا فيلم بتوقيع المخرج الامريكي (جيمس غراي) مخرج المهرجانات الذي لا يحفل كثيرا بشباك التذاكر مثل غيره من مخرجي هوليوود، وهذا ما جعله مقلا في اعماله لانه يبحث عن النوعين لا الكمية في انتاج الافلام.وحتى الان اخرج اربعة اعمال سينمائية منذ ان خاض تجربته الاولى في الاخراج في عام 1994 وترشحت جميع افلامه لنيل جوائز في مهرجانات عالمية لكن حظه من الجوائز كان مثل حظه في شباك التذاكر باستثناء فيلمه الاول LITTLE ODESSA الذي استحق عنه جائزة الاسد الفضي في مهرجان البندقية السينمائي.

اما فيلمه TWO LOVERS فقد دخل المسابقة الرسمية لمهرجان كان في هذا العام ولكنه توقف عند حدود الترشيح فقط ولم يفز باي من جوائز المهرجان رغم كونه فيلما جيدا بمقاييس اللغة السينمائية المعروفة.

تتميز افلام المخرج (غراي) عادة بانه هو الذي يقوم بكتابة نصوصها وتتميز بعمق فكرتها واهتمامها بالجانبين العاطفي والانساني في شخصيات ابطاله.

رغم ان اغلبية افلامه تدور في اجواء بوليسية وتميل الى العنف والجريمة.. وقد شهد هذا الفيلم نوعا من التحول الطفيف فابتعد للمرة الاولى عن الجريمة، وقدم فيلما عاطفيا خاليا من الدماء والقتال.. فقد استمد احداث الفيلم من قصة (الليالي البيض) التي تعد من اوائل القصص القصيرة التي كتبها الروسي (فيدور دستوفسكي) واكتفى المخرج باستلهام الجو العاطفي الذي غلف شخصية الشاب( ليوناردو ــ ادى الدور جواكين فونيكس) الذي فشل في فهم حقيقة مشاعره وكذلك مشاعر من حوله.

افتتح الفيلم بلقطة تصور الشاب (ليوناردو) وهو يلقي بنفسه في احد انهار “بروكلين” في محاولة ثانية للانتحار، لكن تشاء الصدف ان ينقذه بعض المارة دون ان يصيبه اي اذى، وفي المنزل وحين تلاحظ والدته ملابسه المبتلة يصاب بنوع من الاضطراب لكن سرعانما يتمالك نفسه ويبدي موافقته على استقبال ضيوف العائلة على العشاء، وعلى مائدة العشاء تعرف ليوناردو على (ساندرار ادت الدور فيسنسيا شو) وهي شابة رقيقة ابدت اعجابها به وتبادلت الحديث معه على انفراد وعلمت ان اليوناردو انفصل عن خطيبته بسبب نتائج الفحوص الطبية التي كشفت من مشكلات جنينه مشتركة ستكون نتائجها سلبية في حال الانجاب..

ونفهم ضمنيا نحن المشاهدين ان ذلك هو ما دفعه الى الانتحار وهذا مبرر غير مقنع لكننا مع توالي احداث الفيلم نكتشف ان ليوناردو غير متوازن عاطفيا وعصي عليه قراءة شعور واحاسيس الطرف الاخر، ويتضح ذلك جليا في اليوم الثاني للقائه بساندرا حين تعرف ان جارته الشقراء (ميشلي ــ ادت الدور جونيت بالترو) التي دفعه اهتمامها به وملاطفتها له الى الاعتقاد بانها وقعت في حبه.

فأخذ يتصرف معها على هذا الاساس ولكنه فوجيء بان ميشلي تتواعد وتخرج بصحبة رجل متزوج مشغول عنها طوال الوقت واستعانت  به لكي يلعب دور في توطيد علاقتهما..

عند هذا الحد يئس (ليوناردو) من هذه العلاقة وليدة السرعة وعاد ادراجه الى (ساندرا) التي بادرته بزيارة وهو وحيد في منزل عائلته. وقد كان لقاءً عاصفا اعاد اليه الثقة برجولته وكشف عن حقيقة مشاعر (ساندرا) تجاهه فصارحته بانها لا تحبه فقط بل على استعداد للتضحية من اجله اربك هذا اللقاء بوصلة الاتجاهات لديه، فصارحها برغبته في الزواج بها غير ان اتصالا هاتفيا مع (ميشلي) ورده اثناء وجود (ساندرا) اعاد الامور ثانية الى نقطة الصفر..

هكذا بدت شخصية (ليوناردو) من وجهة نظر المخرج جيمس غراي شابا تجاوز الثلاثين من العمر ولم يستقل عن اسرته لا يزال يعيش في منزل الطفولة ولا يزال يعتمد على والده  في تأمين مصروفه اليومي، حيث يعمل في توصيل طلبات الزبائن في مغسلة الملاعب التي يملكها والده ويعني ذلك انه طفل كبير يعيش تحت مظلة والديه وان مشاعره العاطفية بقيت غضة برئية ولم تتبلور بعد، يشعر بالغبطة مثل طفل حين يوليه احد اهتماما خاصا ويضطرب اذا حدث عكس ذلك اضف الى ذلك احساسه بانه عدم الجدوى وكلها تفاصيل تحاشى (غراي) المخرج توضيح اسبابها دون ان نفهم لماذا؟

كان دور ليوناردو هو اخر دور في حياة النجم الممثل جواكين فونيكس الفنية فقد قرر اعتزال التمثيل بعد هذا الفيلم، وبالتأكيد ليس لهذا الدور اي علاقة بقرار الاعتزال حيث نجح في تجسيد شخصية ليوناردو واضفت ملامح وجهه الحيادية بعدا غامضا ممامنح الشخصية ذلك الاندهاش الطفولي الذي تحتاجه وفونيكس هو الممثل المفضل للمخرج جيمس غراي فهذه ثالث مرة على التوالي يعمل معه ويمنحه دور البطولة في افلامه..

وربما سيواجه المخرج غراي صعوبة في افلام المقبلة وهو يحاول العثور على نجم مثل فونيكس اما الادوار النسائية فقد تقاسمتها كل من جونتث بالترو الحائزة على الاوسكار عام 1999 عن دورها في فيلم (شكسبير عاشقا) حيث ادت في هذا الدور الى ايقاع وارباك ليوناردو وهو مندهش لفتنتها الشقراء والثانية ادت الدور الممثلة فينسيا شو في دور ساندرا الرقيقة  والتي سبق للمشاهد السينمائي ان تعرف اليها في فيلم (التلال لها عيون)..

الفيلم انتج عام 2008 وعرض في مهرجان كان في نفس العام وفي دورته الحادية والستين من المهرجان، وعرض في الولايات المتحدة الامريكية وفي 140 دارا للعرض محققا ايرادات 3 ملايين دولار وعروضه العالمية بلغت 10 ملايين دولار.

ويشار الى ان ميزانية فيلم (حبيبتان) بلغت (12 مليون دولار) فقط .. ومن الجدير بالذكر ان الفيلم اخذت قصته كما قلنا في بداية تحليلنا للفيلم من احداث قصة( الليالي البيض) للكاتب الروسي الكبير دستوفسكي وهذه القصة ملهمة للعديد من الافلام السينمائية العالمية فقد تناولها بعض المخرجين بشكل صريح وبالعنوان نفسه مثل الروسي (ايفان بايريف)، والايطالي (لوشينو فيسكونتي) والفرنسي (روبرت بريسون) وان احدث فيها بعض التغييرات وطوعها لكي تتناسب مع المجتمع الفرنسي.

كما استوحى بعض احداث القصة المخرج الايراني (فرزاد مؤتمن) في واحد من اجمل افلامه واستلهمتها السينما الهندية من خلال ثلاثة افلام لها والتي اخرجها كل من: مانموهان في ديساي وشيغام فاير وسانجاي ليلا بهنسالي وهناك فيلم هندي رابع ناطق باللغة التاميلية اخرجه المخرج (جانا ندهن) عرض الفيلم جماهيريا في صالات السينما العالمية في 19 ايار 2008.

الإتحاد العراقية في

06/12/2009

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)