تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

«لحظة أيها المجد» لشيرين أبو شقرا في مهرجان «.. نما في بيروت»

تفكيـك المـاضـي

نديم جرجورة

أقيمت الدورة الثامنة لـ «مهرجان الفيلم اللبناني»، الذي نظّمته مؤسّسة «.. نما في بيروت»، بين العشرين والرابع والعشرين من آب الجاري، في صالة سينما «متروبوليس/ أمبير صوفيل» في الأشرفية.

هنا تعليق نقدي على فيلم «لحظة أيها المجد» لشيرين أبو شقرا، التي فازت بجائزة «أفضل فيلم»، وقيمتها المالية ألفا دولار أميركي، قدّمها «بنك عوده»، بعد اختياره من قبل لجنة تحكيم مؤلّفة من الزميلة ريما المسمار (جريدة «المستقبل») وهانيا مروّة (مديرة «أيام بيروت السينمائية») والمخرج السينمائي إيلي خليفة. وهي المرّة الأولى التي تُمنح جائزة مالية لأحد الأفلام المُشاركة في هذا المهرجان.

شكّل فوز الفيلم الوثائقي «لحظة أيها المجد» لشيرين أبو شقرا بجائزة أفضل فيلم في ختام المهرجان مساء الاثنين الفائت، مناسبة ثانية لتناوله نقدياً، إذ تمثّلت المناسبة الأولى بجمالياته الفنية المشغولة بحرفية لافتة للانتباه. ذلك أن اختيار المغنية وداد شخصية أساسية للفيلم المذكور، لم تحل دون إعمال المخيّلة في استنباط صُوَر متفرّقة تعكس مساراً تاريخياً وفنياً خاصّاً بالمغنية وعصرها والتحوّلات اللاحقة، وتجعل العلاقة بالإرث التاريخي مدخلاً إلى فهم العالم القديم هذا، المتجذرة أصوله في أرض صلبة أنبتت علامات فارقة في التاريخ الجماعي. في حين أن الجانب المتخيّل في «لحظة أيها المجد» بدا امتداداً جميلاً للمناخ الإنساني والإبداعي، كما للسرد الحكائي المشبع صُوَراً ومتتاليات مشهدية، على الرغم من أن التفاصيل المتخيّلة بدت أكثر من اللازم في فيلم وثائقي. بمعنى آخر، وفي ظلّ التطوّر البديع في عملية إنجاز الفيلم الوثائقي، بشكل عام، الذي جعله أكثر ارتكازاً على المتخيّل في إعادة صوغ الحكاية والمشهد؛ استندت شيرين أبو شقرا على هذه الثنائية في رسمها الملامح المتفرّقة للمغنية وداد، ولزمنها ومساراتها وحضورها وعلاقاتها وإبداعها الفني، فإذا بالشقّ الوثائقي يظهر «أضعف» بقليل من الجانب المتخيّل الذي، إن طُوِّر، يتحوّل إلى فيلم روائي لا يقلّ جمالاً عنه، لما فيه من مقوّمات صنيع بصري متكامل.

لا تؤشّر هذه الملاحظة العابرة إلى أكثر مما تحمله في قراءة فيلم لم أعثر على كلمة أخرى غير «جميل» لوصفه بها. فالاشتغال الفني في الجانبين الوثائقي والمتخيّل أفضى إلى عمل بصري محكم البناء المشهدي، ومتوازن (إلى حدّ كبير) في دمج الجانبين معاً، ومبني على لغة بصرية أفردت للغناء حيّزاً تعبيرياً استكمل شيئاً من السرد الحكائي، ومنحت النصّ الأساسي (السيرة الذاتية لوداد وعالمها الغنائي وحكاياتها الشخصية والعامة المتفرّقة) فرصة التفلّت من القيد السردي العادي، إذ لم يكن الفيلم سيرة تأريخية تبسيطية وكلاسيكية، بل انعكاسات متتالية لمراحل ولحظات وتأمّلات أتاحت للمخرجة الشابّة إمكانية التعبير عن ذاتها هي، في علاقتها بالصورة البصرية والجماليات الفنية والسردية في صناعة السينما. ولعلّ ثقل السنين الذي أتعب المغنية في أعوامها القليلة السابقة على رحيلها قبل أشهر عدّة، جعل وجه الفنانة شبه غائب عن الشاشة، على نقيض صوتها السائر بالكاميرا والمخرجة والسياق إلى استعادة التاريخ وإعادة برمجته على إيقاع الراهن. وهذا، ربما، ما دفع إلى إعمال المخيّلة لإشباع رغبة الإبداع في استكمال معالم الصورة المشتهاة؛ أو ما جعل المخرجة تميل إلى المتخيّل كاختبار ذاتي للبراعة الجمالية في رسم ملامح زمن مضى، بمناخه الإنساني والمكاني، وبفضائه الفني أيضاً.

هناك علامة جميلة أخرى في «لحظة أيها المجد»، متمثّلة أولاً بالمكساج، خصوصاً في العلاقة القائمة بين النصّ الغنائي الذي أنشدته المغنية سابقاً والرنين الصوتي الآنيّ، بالإضافة إلى إدخال كلمات من هنا وهناك في ما يشبه حواراً مستمراً بين الفنانة وابنتها غير الظاهرة، بدورها، أمام عدسة الكاميرا؛ وثانياً بالمونتاج، إذ تلاعبت المخرجة في الأزمنة والأمكنة والألوان والتمثيل الصامت أو بالأحرى الأداء الشكلي لمجموعة من الشابات اللواتي بدون أميرات طالعات من بهتان اللون في شريط سينمائي قديم إلى جمال التناغم المحكم بين الماضي والراهن. وهذا كلّه جعل «لحظة أيها المجد» يمزج عناوين عدّة في مضمونه العام: فهو سيرة ذاتية لفنانة عريقة، لكنه لم يسقط في فخّ التأريخ البصري والسردي المملّ. وهو مزيج صاخب من الألوان الغامقة (الكثيرة) والمشعّة (القليلة)، لكنه لم يقع في ورطة التلاعب الفيديوي في التقنيات وحدها، لأن مخرجته أدركت كيفية تنظيم العلاقة بين الشكل والمضمون، على نقيض الاختبارات التجريبية الأخرى. وهو وثائقي يستيعن بالمتخيّل كي يُكمل الفراغات الكثيرة في الشقّ التوثيقي، أو كي يتيح للمخرجة إمكانية ممارستها لعبة الإخراج والإبداع؛ لكنه روائي أيضاً جعل المقتطفات الوثائقية رديفاً للقول البصري والتعبير بالصُوَر الحيّة التي أحالت المُشَاهد إلى الإحساس بمتعة الزمن الماضي، لوناً وفضاءً وانفعالاً.

السفير اللبنانية في

27/08/2009

 

 كتــاب

«جان روش، سينما وأنتروبولوجيا»  

صدر مؤخّراً كتاب «جان روش، سينما وأنتروبولوجيا» عن المنشورات الفرنسية الخاصّة بالمجلة السينمائية المتخصّصة «دفاتر السينما» بالتعاون مع «إينا»، في سلسلة «أبحاث»، متضمّناً مجموعة من النصوص التي كتبها روش، أحد أبرز السينمائيين العاملين في مجال الأنتروبولوجيا، روى فيها مساره الذاتيّ والفني منذ أفلامه الأولى التي سلّطت الضوء على الطقوس الأفريقية (عندما استعان بكاميرا 16 ملم.، ملتقطاً بفضلها متتاليات بصرية في رحلته إلى نهر نيجر في العام 1949) لغاية أفلامه الحديثة؛ وقد جمعها جان ـ بول كولاّين.

في النصوص المجموعة في هذا الكتاب، تناول جان روش تفاصيل متفرّقة عن أعوام تكوّنه الفني والثقافي، وعن مهنته كمهندس، وعن ميله الباكر إلى السينما. كما رسم معالم رحلاته، متوقّفاً عند اختباراته الأنتروبولوجية التي قام بها إلى جانب جيرمان ديترلان على خطى مارسيل غريول، ومتحدّثاً عن كيفية تحقيقه أفلامه، وطارحاً أسئلة الأساليب و«سينما الحقيقة» والشعر في السينما. وكتب إدغار موران، الذي عمل معه على إخراج فيلم «وقائع صيف» المقدّمة، في حين أن مارك هنري بيو، الرئيس الحالي لـ «جمعية الفيلم الأنتروبولوجي» في «متحف الإنسان»، أكمله بتحليل تناول قيمة السينما في الأبحاث الأنتروبولوجية.

يُذكر أن روش، عندما حمل الكاميرا على كتفه ليصوّر طقوساً أفريقية، ارتجل كادراته وحركات آلته التصويرية وإيقاع مشاهده في إطار كوريغرافيا تُذكّر بكوريغرافيا الجاز. أما «نقّاد» مجلة «دفاتر السينما» آنذاك، أمثال جان لوك غودار وإيريك رومر وجاك ريفيت (باتوا اليوم مخرجين سينمائيين كبار)، الذين تأثّروا منذ البداية بالأصالة الخلاّقة لمسعاه السينمائي ونزوعه الإبداعي، اعترفوا بأن تحدّياته المتعلّقة بـ«سينما مهنية» جعلته رائد «الموجة الجديدة».

السفير اللبنانية في

27/08/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)