حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

دراما رمضان التلفزيونية لعام 2013

سير

وحلقات

يومية

في

رمضان

اللقاء الأخير

كتب الخبرماهر زهدي

بنت بحري زينات صدقي

( 29 )

كانت فكرة المسرح تشغل بال إسماعيل ياسين طوال الوقت، فاتفق مع المؤلف الخاص به أبو السعود الإبياري على تكوين فرقة مسرحية، وساعدت الظروف والمناخ الثقافي والاجتماعي على نجاح ولادة الفكرة، فإسماعيل كان آنذاك نجماً في أوج تألقه، وعلى الساحة المسرحية لم يكن يوجد مسرح يجذب الجماهير بل إن الاتجاه السائد نحو السينما.

وجدت زينات صدقي فيما عرضه عليها إسماعيل ياسين من تكوين فرقة مسرحية فرصة لا تعوض ولا ترفض، فوافقت فوراً وكادت تطير من الفرح عندما عرض عليها راتباً شهرياً قدره 250 جنيهاً، وهو أجر كبار النجوم آنذاك، فقد حرص إسماعيل ياسين على تطعيم الفرقة بالأسماء الكوميدية الكبيرة كافة، وهو ما جعله يسعى إلى ضم أكبر عدد من أعضاء فرقة الريحاني تحت الإغراء المادي الكبير، مثل حسن فايق وميمي شكيب وعبد الفتاح القصري واستيفان روستي، ومعهم من خارج الفرقة تحية كاريوكا، إضافة إلى فنانين آخرين من فرق أخرى، فضم من المسرح الحر توفيق الدقن وشكري سرحان، واستعان بعدد كبير من المخرجين الموهوبين أمثال السيد بدير ومحمد توفيق وعبد المنعم مدبولي ونور الدمرداش في أولى محاولات الأخير للإخراج، لتبدأ زينات مع «فرقة إسماعيل ياسين المسرحية» وتقدم الكثير من الأعمال المسرحية الناجحة التي أعادت لها أمجاد فرقة الريحاني، فقدمت مسرحيات «أنا عايزة مليونير، الكورة مع بلبل، جوزي كداب، كناس في جاردن سيتي، الحب لما يفرقع»، لتنجح عروض الفرقة نجاحاً يفوق التوقعات واستطاعت الفرقة خلال أشهر من عملها أن تستقطب كل نجوم فرقة الريحاني، فتحولوا إلى العمل في فرقة إسماعيل ياسين بعدما أغراهم بمرتبات أكبر!

اطمأنت زينات إلى نجاحها المسرحي، فعادت لتفي بعقودها السينمائية، خصوصاً أن مطرب الثورة عبد الحليم حافظ أصرَّ على أن تشارك معه في فيلمه الجديد:

* أنا بشكرك يا أستاذ عبد الحليم... أنا عرفت إنك أجلت التصوير علشاني.

= أولا أنا اسمي حليم وبس.

* يوه يقطعني... أمال هم فهموني إنك اسمك عبد الحليم حافظ ليه... أتاريك اسمك حليم وبس.

= (ضاحكاً بصوت مرتفع) ودي الحاجة التانية... إني كان لازم أستنى أخف دم في السينما المصرية علشان أشتغل معاها... حتى لو استنيت سنة.

* روح ما عدمكش... ويحبب فيك خلقه أكتر ماهم هايتجننوا عليك. يا حليم يابن... هي أمك اسمها إيه؟

بدأت في أبريل 1958، تصوير فيلم «شارع الحب» قصة يوسف السباعي وحواره، سيناريو عز الدين ذو الفقار وإخراجه، أمام صباح وعبد السلام النابلسي وحسين رياض وعبد المنعم إبراهيم ورياض القصبجي ونور الدمرداش ومنيرة سنبل وأبطال ساعة لقلبك وفتوح نشاطي ونجوى فؤاد والطفل أحمد فرحات.

قدمت زينات في الفيلم دور «سنية ترتر» العالمة العانس التي تعشق «حسب الله السادس عشر» ويضطر إلى أن يتزوجها بسبب فعلها للخير، عندما تقوم بالعطف على الشاب عبد المنعم صبري الذي جسد دوره عبد الحليم حافظ، والمساهمة في استكمال تعليمه العالي.

ارتباط وثيق

قوي الارتباط الفني بين إسماعيل ياسين وزينات صدقي، وزاد تمسكه بها، وأصبح أكثر تمسكاً بها من المنتجين والمخرجين لمشاركته أفلامه، فقدمت معه فيلم «إسماعيل ياسين بوليس سري» سيناريو علي الزرقاني وحواره، إخراج فطين عبد الوهاب، إلى جانب حسن فايق وعبد السلام النابلسي ورياض القصبجي وجمال وميمو رمسيس وتهاني راشد. ثم قدمت أمامه دور «عديلة» صاحبة اللوكاندة التي تدخل معه شريكة في شراء «ميدان العتبة» في فيلم «العتبة الخضراء» قصة وسيناريو وحوار جليل البنداري، إخراج فطين عبد الوهاب، ومعهما صباح وأحمد مظهر وعمر الحريري ورياض القصبجي، وهدى شمس الدين.

أول حفيد

كتب عبد السلام النابلسي جزءاً ثانياً افتراضياً من فيلم «إسماعيل ياسين في الجيش» قدم من خلاله تصوراً لحال مجموعة الشباب التي التحقت بالجيش في الجزء الأول، وماذا سيعملون بعد أداء الخدمة العسكرية، فكتب قصة فيلم «حلاق السيدات» وكتب له السيناريو والحوار أبو السعود الإبياري، وأخرجه فطين عبد الوهاب، وقررت زينات المشاركة من دون أي شروط، ومن دون تحديد أجر مسبق لمجاملة صديقها عبد السلام النابلسي، وهو ما فعله أيضاً إسماعيل ياسين، وجسدت فيه دور «أشجان هانم» أمام عبد السلام النابلسي، وشاركهم البطولة كل من كريمة واستيفان روستي وخيرية أحمد وضيفة الشرف الفنانة صباح.

خيم الحزن على حياة زينات منذ رحيل والدتها، لم تعرف السعادة طريقاً إلى قلبها إلا برؤية أول حفيد لها، وإن كان ليس حفيداً مباشراً، لكن باعتبار أن نادرة ابنة شقيقتها هي ابنتها بالعشرة وليس بالدم فحسب:

* ياه... كبرتي يا نادرة واتجوزت وبقيتي أم!!

= الفضل لك يا ماما... أنت اللي ربتيني وكبرتيني وجوزتيني وجه اليوم اللي تشيلي أولادي ياماما.

* شوفي بقى يابت أنت.. صحيح في الأول كنت بقولك تقوليلي ياماما علشان كنتي لسه بنوتة صغيورة... لكن دلوقت أنت كبرتي وبقيتي أم... واللي يسمعك وأنتي بتقوليلي ياماما كدا وأنت أم يقول إن أنا بعد الشر بعد الشر بقيت كبيرة وعجزت.

= عجزتي مين يا قمر السينما المصرية والعربية.. أنت هتفضلي طول عمرك الفاكهة اللي بتحلي أيامنا.

* أيوا يا بت كلي بعقلي حلاوة.. شوفي أنت ما تقوليليش يا ماما... تقولي لأمك سنية... لكن البت الأمورة الكتوكتة دي هي اللي تقولي يا ماما... يا دوب دي على أدي.

سعدت زينات جداً بوصول عزة ابنة نادرة، بل واعتبرت نفسها المسؤولة الأولى عن تربيتها منذ لحظة الميلاد، مثلما أصبحت مسؤولة عن كل عائلتها وشقيقاتها وأولادهم جميعاً، مادياً ومعنوياً، من دون أن يشغلها ذلك عن عملها، وإن كانت لم تعد مشغولة كالسابق، لأكثر من سبب ربما أهمها أنها وجيلها لم يعودوا وحدهم على الساحة بعد ظهور جيل جديد من الفنانين، خصوصاً من الكوميديانات بدأوا يثبتون وجودهم، خصوصاً أولئلك الذين خرجوا من البرنامج الإذاعي «ساعة لقلبك» الذي ظهر في عام 1953، ليقدم عدداً كبيراً جداً من الكوميديانات وبأدوار ثابتة، مثل: فؤاد المهندس، عبد المنعم مدبولي، محمد عوض، أمين الهنيدي، خيرية أحمد، وزوجها يوسف عوف، وجمالات زايد، ومحمد أحمد المصري (أبو لمعة) وفؤاد راتب (الخواجة بيجو) ومحمد يوسف (المعلم شكل) ونبيلة السيد، والدكتور شديد، ورفيعة الشال، وحسين الفار (سلطان الجزار) وأحمد الحداد (الرغاية) ولطفي عبد الحميد، ويقوم بعضهم بالكتابة للفرقة مثل يوسف عوف وعبد المنعم مدبولي وأمين الهنيدي، وأنور عبد الله، وأحمد طاهر، حيث اعتمد المخرج والفنان السيد بدير على كثيرين منهم، إن لم يكن أغلبهم عند تأسيسه لمسرح التلفزيون في مطلع الستينيات، ليكون منافساً قوياً للفرق المسرحية الخاصة الموجودة، خصوصاً  «الريحاني، وإسماعيل ياسين».

تراجع

بعدما بلغ ما قدمته زينات صدقي في عام 1954 ثلاثة وعشرين فيلماً، بلغ عدد أفلامها في عام 1962 أربعة فقط، إلى جانب عملها في المسرح، بدأتها بفيلم «بنات بحري» قصة محمد عثمان، سيناريو محمد مصطفى سامي وحواره، إخراج حسن الصيفي، إلى جانب المطرب الشاب ماهر العطار وعبد السلام النابلسي وماري منيب وعبد الفتاح القصري وآمال فريد. ثم فيلم «قاضي الغرام» قصة وسيناريو أبو السعود الإبياري وحواره، إخراج حسن الصيفي، وبطولة كل من النابلسي وحسن يوسف ونادية لطفي ولبلبة وعبد الحليم حافظ كضيف شرف. كذلك قدمت فيلم «جمعية قتل الزوجات» تأليف يوسف السباعي، إخراج حسن الصيفي، إلى جانب صلاح ذو الفقار وزهرة وعبد المنعم إبراهيم وحسين رياض وماري منيب وسعيد أبو بكر وحسن فايق واستيفان وخيرية أحمد، لتقدم خلاله شخصية «الأرتيست» العانس التي تبحث عن زوج خوفاً على نفسها من الفتنة، ولم يكن لديها مانع من أن تتولى الإنفاق عليه.

بحلول عام 1963 دخلت زينات صدقي عقدها الخامس، وبدأت تظهر علامات التقدم في السن، ما جعل المخرجين يفكرون طويلاً قبل أن يسندوا إليها أي دور، وعندما كانوا يفكرون في الاستعانة بها كان ذلك في أدوار محدودة لا تخرج عن إطار «الخادمة» أو «المربية» أو حتى «الجارة الودود»، ما جعل المخرج عاطف سالم يختارها للقيام بدور «خادمة» في فيلم «ما فيش تفاهم»، قصة وسيناريو نيروز عبد الملك وحواره، بطولة سعاد حسني وحسن يوسف وعلوية جميل وحسين رياض وأحمد الحداد. ولم يخرج دورها في فيلم «جواز في خطر» عن الإطار نفسه، الفيلم قصة علي بحيري، سيناريو حسين عبد النبي وحواره، إخراج عيسى كرامة، وبطولة نادية لطفي وعبد المنعم إبراهيم وأحمد رمزي ونجوى سالم.

لم تتغير نظرة المنتجين والمخرجين عن زينات صدقي وما يسندونه إليها، بل هذه النظرة امتدت أيضاً لتشمل صديق عمرها وشريك دربها الفنان إسماعيل ياسين، نجم نجوم عصره وأغلاهم أجراً، ليتراجع عدد الأفلام التي يقدمها أيضاً ويصل إلى فيلمين أو ثلاثة في العام على أقصى تقدير، فقدما معاً «المجانين في نعيم»، قصة أبو السعود الإبياري وحواره، سيناريو لوسيان لامبير، إخراج حسن الصيفي، إلى جانب رشدي أباظة وشويكار وزهرة العلا واستيفان روستي وتوفيق الدقن وميمي شكيب ونجوى فؤاد.

انتهت زينات من تصوير فيلم «المجانين في نعيم» لتجد نفسها بعده، وللمرة الأولى منذ عملها بالفن، تجلس في البيت لمدة عامين كاملين، وبعدما كانت تهرب من الرد على مكالمات إسماعيل ياسين خوفاً من حسد عدد الأفلام التي تقدمها، أصبحت هي من تلجأ إلى الحديث معه في ما وصلا إليه معاً:

= تعرفي أنا كنت لسه بفكر في نفس الموضوع. أنا مش عارف إيه اللي بيحصل.

* عندك حق. بس أنا بقول يمكن السبب مسرح التلفزيون. ما هو دا مسرح تبع الدولة ولازم يكون الاهتمام بيه أكبر. وكمان عندهم التلفزيون نفسه.

= دا في المسرح. طب والسينما هتقوليلي مؤسسة السينما بتاعة الدولة... هقولك ما هي كانت موجودة وأحنا بنقدم عشر أفلام وخمستاشر فيلم في السنة.

* أمال إيه بس اللي اتغير؟

= أحنا.

* إيه... يعني إيه مش فاهمة؟

= أيوا... أحنا اللي اتغيرنا ولازم نعترف إننا اتغيرنا وكبرنا.

* لا يا أخويا... أنت لوحدك اللي كبرت. أنا لسه... اسم الله عليا وعلى حوليا.

لم تُعرض على زينات صدقي أفلام في الفترة من 1963 حتى 1965، باستثناء عملها في بعض أعمال مسرح التلفزيون من آن إلى آخر، كواحدة من طابور طويل من العاملين فيه. قدمت مسرحية «الأرملة الطروب» أمام الفنان كنعان وصفي، للكاتب عبد الرحمن الخميسي. ثم شهد عام 1965 فيلماً واحداً لها بعنوان «الجبل» عن قصة فتحي غانم، سيناريو خليل شوقي وإخراجه، أمام ليلى فوزي وسميرة أحمد وصلاح قابيل وعمر الحريري وماجدة الخطيب وزوز ماضي، ولم يخرج دورها فيه عن تلك النوعية التي بدأ المخرجون يحصرونها فيها، لتجد نفسها فجأة وجهاً لوجه أمام ذلك «البعبع» الذي سرق منها ومن جيلها الأضواء، وسحب البساط من تحت أقدامهم، وجدت نفسها أمام عرض للعمل في التلفزيون، من خلال المسلسلات التلفزيونية، وهو ما عرضه عليها المخرج حمادة عبد الوهاب:

* أنا... أنا يا أستاذ حمادة؟

= أيوا أنت يا ست زينات. أنت أقل منها... وإلا اللي بيشتغلوا في التلفزيون أحسن منك... أنت أستاذة الكل.

* ربنا يكرم أصلك. لكن أنا قصدي يعني مش واخدة على شغل التلفزيون... ما عرفش أتعامل معاه إزاي.

= يا ست زينات أنت ست العارفين... أهي كاميرا زي الكاميرا... كل الحكاية بدل الكاميرا اتنين. وبعدين الفنانة اللي زيك أفضل حد يشتغل في التلفزيون.

* اشمعنى... فيا شبه منه.

= هاهاها... لا مش القصد. بس أنا عارف أسلوبك في الشغل ولا أنت ناسية أننا اشتغلنا سوا. وعارف أنك بتاخدي معنى المشهد وتفهميه وتطلعي المشهد من جواكي بطريقتك.

بعد تردد وتفكير ومشاورات، وافقت زينات على الوقوف أمام كاميرات التلفزيون وشاركت في مسلسل «عادات وتقاليد» حول عادات وتقاليد المجتمع وما استجد عليه من متغيرات، وما يجب أن يعاد النظر فيه.

المسلسل قصة وسيناريو أنور عبد الله وحواره، وإخراج حمادة عبد الوهاب، وشاركت فيه البطولة مع الفنانة عقيلة راتب، كل من ليلى طاهر والوجوه الجديدة الشابة نور الشريف وأشرف عبد الغفور وصلاح السعدني.

كان مسلسل «عادات وتقاليد» أول مشاركة لزينات صدقي في المسلسلات، وبعد الانتهاء من تصويره قررت أن تكون المشاركة الأخيرة لها فيه بعد المعاناة التي شهدتها أثناء تصويره، وأسلوب العمل في هذا الوسط الفني الوليد.

(البقية في الحلقة المقبلة)

فقدان الحبيبة

حققت زينات نجاحاً لم تشهد مثله سابقاً، سواء في السينما أو المسرح، فهي تصور في اليوم ثلاثة أفلام، وتعمل في المسرح مساء مع إسماعيل ياسين، وأمام هذا النجاح جنت الكثير جداً من المال، فراحت تشتري لأمها كل ما يخطر وما لا يخطر لها على بال، كل ما يلزمها وما لا يلزمها، وكلما اشتد بها المرض زادت لهفة زينات عليها، وإحساسها بأنها تريد أن تأتي بالدنيا كلها تحت قدميها. فجأة وقع ما كانت تشعر به، وقعت الكارثة، فقد رحلت الأم... شريكة الدرب والرحلة، رحلت السند والظهر، رحلت الأليفة والجليسة، رحلت الحبيبة التي لم تعد بعدها حبيبة... سكتت «حفيظة».

اليوم فقط شعرت زينات باليتم، شعرت بأن عمرها قفز فجأة إلى مرحلة الكهولة وهي لا تزال في العقد الرابع من عمرها، فبكت كما لم تبك سابقاً، وكما لن تبكي من بعد.

انتهت مراسم تشييع الجنازة والدفن اللذين حضرهما عدد كبير جداً من الفنانين والفنيين العاملين في السينما والمسرح، وفي المساء فوجئ إسماعيل ياسين بزينات صدقي تجلس في حجرتها بالمسرح تمسح دموعها وتضع ماكياجها:

= إيه دا زينات... إيه اللي جابك. قومي قومي أنت لازم تمشي حالاً... دا أنا كنت جاي دلوقت هنا آخد كل الزملا ورايحين العزا.

* هو مش فيه شغل.

= شغل إيه... أنت أمك اللي هي أغلى حاجة في دنيتك ماتت النهاردة.

* ودفنتها.

= أيوا بس دا مش كفاية... أنت أعصابك منهارة ومش ممكن تشتغلي يا زينات الدنيا ما طارتش.

* بص كدا بعينك.

= على إيه.

* شوف كام واحد واقفين على خشبة المسرح وفي الكواليس. دا غير اللى بره في الصالة وشباك التذاكر والكافتيريا والعمال. كل دول بياكلوا عيش كل ليلة... والليلة اللي مش هنشتغلها مش هيقبضوا... يبقى ذنبهم إيه.

= ما جتش من يوم ولا اتنين.

* الله يرحمه سليمان نجيب علمني أن الحزن في القلب لنفسنا مش للناس... يلا يلا أجهز فاضل ربع ساعة على الستارة.

مثلت زينات في هذه الليلة كما لم تمثل سابقاً. أضحكت الجمهور كما لم تضحكه سابقاً، لدرجة أنه كان يصفق لها مع كل مرة تدخل فيها إلى خشبة المسرح، وليس المرة الأولى فقط. ما إن أسدل الستار، حتى جرت إلى حجرتها وانهارت في بكاء مرير... دخل إسماعيل إلى حجرتها وأخذها من يدها واتجه مجدداً إلى المسرح، وأزاح الستار ووقف في مواجهة الجمهور فانتبه الجميع:

= مساء الخير... أرجو أن حضراتكم تكونوا استمتعتم الليلة. أنا شخصياً رغم أني ممثل في المسرحية، وبقدم الدور دا بقالي النهاردة ست أسابيع، فإني استمتعت جداً الليلة وبشكل غير مسبوق... مش بس بالمسرحية، لكن بأداء هذه الفنانة العظيمة. الفنانة زينات صدقي... وكل دا رغم أن النهاردة صادف بالنسبة لها حادث أليم... الست زينات فقدت اليوم أعز إنسان في الوجود بالنسبة لها... فقدت والدتها عليها رحمة الله، ومع ذلك أصرت إنها تيجي تشتغل علشان حضراتكم... وعلشان العمال اللي بيأكلوا عيش من ورا المسرحية دي.

ما إن انتهى إسماعيل من كلامه حتى ضجت الصالة بالتصفيق المدوي، ولمدة ربع ساعة متواصلة وزينات منحنية أمامهم ويداها على صدرها ودموعها تسيل على خديها حتى بللت الأرض تحت قدميها.

زاد من حزن زينات واستدعى بكاءها مجدداً، ما طلبه منها خادمها عثمان:

* أنت كمان عايز تسيبني يا عثمان؟

= غصب عني والله يا ستو هانم. بس غريبة هضرتك بتقولوا أوثمان مش بتقولوا «سمارة».

* ما أنت خلاص كبرت وهتتجوز. ما ينفعش بقى أقولك يا سمارة.

= بس إن شاء الله بوعدك لو نزلت مصر تاني. لازم آجي لهضرتك.

* ضروري يا عثمان... وخد دول هدية جوازك مني.

= ربنا يخليك ياستو هانم... دا كتير... كتير أوي.

الجريدة الكويتية في

07/08/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2013)