عندما يخبرني أحد الأصدقاء عن فيلم شاهده مؤخراً وأعجبه.. ويبدأ في سرد
حكايته.. أشعر بعدم الرغبة في سماعه.. بل إنني أحياناً أستوقفه وأشير إليه
بأنني لا أحبذ سماع حكاية فيلم.. فما وراء هذا الإحساس..؟!
أولاً.. لإحساسنا بأن الفيلم ليس حكاية تحكى، فقط.. وإلا لماذا كلف المنتج
والمخرج وطاقم الفيلم بكامله كل جهودهم هذه، لصناعة فيلم.. يمكننا أن نقرأه
من كتاب أو رواية بالتحديد..؟!
ثانياً.. وهو محور حديثنا.. هل يمكنني كمتفرج أن أقبل فيلماً سينمائياً بلا
حكاية.. بالطبع سيكون صعباً علي وعلى أي متفرج من عامة الجمهور.. هذا لأن
تركيبة تفكيرنا وأعيننا قد تعودت على أن نتابع للفيلم حكاية.. وإذا لم نجد
تلك الحكاية.. ننفر من الفيلم.. بل ونعلن صراحة بأن الفيلم ليس به حكاية..
ترى هل صحيح بأن الفيلم ليس به حكاية؟!.. أم أن طريقة السرد للحكاية جاءت
مختلفة عما تعوده المتفرج أثناء تناوله للرواية والقصة؟!
من هنا نلاحظ بأن المتفرج الذي لا تعجبه أفلام فسكونتي وأنطونيوني وغودار
وتاركوفسكي وآخرون، حاولوا الخروج من تلك القوالب التقليدية للسرد
السينمائي، بل وابتكروا لهم أسلوباً خاصاً، رأوا بأنه الأمثل للفيلم
السينمائي، بعيداً عن القص الأدبي التقليدي.. هذا المتفرج بالطبع له العذر
في ذلك.. فهو لم يوجه ولم يثقف على هذا النحو.. لم يقل له أحد بأن السينما
شيئاً آخراً غير الأدب.. إذن فهو ليس المسئول عن هذا الخطأ.. السينمائيون
أنفسهم هم المسئولون.. السينمائيون الذين لم يكلفوا أنفسهم في البحث عن
بديل وعن خصوصية للسرد السينمائي.. وهم كثيرون بالطبع.. ساهموا في إعطاء
صفة القص الأدبي للسينما.. وأثروا، بما لا يدع مجالاً للشك، على طبيعة
الجمهور العريض في كيفية فهم السرد السينمائي.
شخصياً.. وقعت في نفس الخطأ في غالب الأحيان.. هناك أفلام لم تعجبني في
مشاهدتي الأولى لها.. وحسب زعم أنني من المتخصصين في متابعة النقد
السينمائي وممارسته.. كان علي أن أراجع الفيلم مرة ومرات.. حتى يتسنى لي
الخروج بنتيجة إيجابية أفادتني كثيراً في إعطاء رأي نهائي عن هذه الفيلم أو
ذاك.
أعتقد
إنه من الضروري مناقشة هكذا موضوع.. بإعتبار أن السينما صورة لها خصوصيتها.
لذا
دائماً ما تستوقفني تساؤلات كثيرة على هذا المنوال..!!
هل على الصورة السينمائية
أن تتخذ من القص أسلوباً لها..أم ماذا؟!
وهل من الضروري أن نطلب من الفيلم
السينمائي أن يحكي لنا قصة أو حكاية..؟!
إذا وافقنا على طبيعة هكذا تساؤلات.. فهل
يعني هذا بأن المتلقي كان عليه أن يلجأ إلى
الرواية أو القصة كأصل، ليستقي منها
الحكاية.. أم أن السينما والصورة خصوصاً، لابد أن تعطيه شيئاً آخراً.. غير
ما أعطته
الرواية؟!
أعتقد ـ من العقيدة ـ
بأن فن الصورة السينمائية، عليه أن يكون مستقلاً بذاته.. أي
أنه
لابد أن يعتمد أسلوباً خاصاً للسرد.. ولا يعتمد أسلوب السرد
القصصي
التقليدي.
عبر قراءات للكثير من الدراسات والبحوث في هذا الجانب.. كانت جميعها
تمثل محاولات للوصول إلى صيغة مغايرة.. فشلت ـ للأسف ـ في غالب الأحيان، في
وضع
تصوراً واضحاً لماهية الصورة والسرد السينمائي بشكل عام.. تصور مستقل عن
بقية
الفنون الأخرى.
هنا.. من هذا المنبر السينمائي.. ندعو الجميع بالإدلاء بآرائهم، والتي
ستكون حتماً مفيدة، لإعطاء بعد أعمق للموضوع المطروح للنقاش.
وهي دعوة لجميع النقاد العرب
لطرح مداخلات تعمق الموضوع وتفيد
الحوار..!!
للمداخلة
والمشاركة في الحوار..
أرجوا الكتابة إلى البريد الإلكتروني التالي:
hshaddad@batelco.com.bh |