غلاف كتاب «شخصيات ومذاهب سينمائية» وحده وللوهلة الأولى، يجعلك في اشتياق
لتتصفح قطفات سخية، من صفحات وأيام عاشت في ملفات وحوارات، ولقاءات متعددة
مع الأديب والناقد السينمائي الدولي «صلاح هاشم» المقيم في باريس بفرنسا،
مع أسلوبه وفكره الخاص،وقلمه المتخصص في عالم السينما والفنون.يضم الكتاب
الصادر عن « دار تشكيل للنشر والتوزيع « في المملكة العربية السعودية 184
صفحة ويحتوي على ثلاثة محاور.
يضم المحور الأول بعنوان «فيلم ومخرج» ثلاثة عشر مقالا يناقش فيها المؤلف
مجموعة كبيرة من أبرز أفلام وروائع الفن السابع السينمائي، مثل فيلم «الريح
التي تهز الشعير» للمخرج البريطاني كين لوش، وفيلم «الجارة» للفرنسي
فرانسوا تروفو، و«المقابلة «للايطالي فيلليني، و«فول ميتال جاكيت» للأمريكي
ستانلي كوبريك، و«الجلد» للمخرجة الإيطالية ليليانا كافاني و«موسيقانا»
و«كتاب الصور» لجان لوك جودار وغيرها، بأسلوب أدبي وفلسفي رصين، وثقافة
سينمائية موسوعية نادرة، فتراه يلخص تجربة مشاهدة فيلم «المقابلة» للايطالي
فردريكوفيلليني بقوله: «ويظل المايسترو فيلليني من أعظم «الحكواتية» في
عصرنا، لكن يظل أعظم إنجاز سينمائي لفيلليني هو هذه الطفولة، بكل ذكرياتها
العزيزة التي اخترعها لنفسه، التي صارت هي أيضا طفولة لكل أبناء الرقعة
الجغرافية المتوسطية، وحملوها معهم، أينما ذهبوا.»كتب هاشم عن المخرج
الفرنسي الراحل فرانسوا تروفو بمناسبة المعرض الذي أقامه «السينماتي
كالفرنسى» عن حياة وأعمال تروفو، وقد اختارت إدارة المعرض عبارة صادقة
للمخرج الراحل حيث يقول: «أصنع أفلامي لكي أحقق الأحلام التي راودتني في
فترة المراهقة لكى أسعد نفسي وأسعد الآخرين أيضًا إذا كان ذلك ممكنا».
بينما يناقش في المحور الثاني «شخصيات ومذاهب» من الكتاب ويضم سبعة مقالات
نشأة وتطور النوع في السينما الأمريكية، مع الاحتفال بمئوية استوديو «
وارنر» في هوليوود وأفلام الرعب عند هيتشكوك، ووظيفة السينما ضد البطالة
عند الفنلندي آكيكوريسماكي وكيف شارك البناءون الكبار في إيطاليا كما ظهر
في فيلم «صباح الخير يا بابل «في تشييد الديكورات العملاقة لأفلام دافيد
جريفيز الأولى، عندما هاجروا من إيطاليا إلى هوليوود.
وفي المحور الثالث بعنوان « نزهة الناقد. تأملات في سينما وعصر « ويضم 4
مقالات يحكي صلاح هاشم – من مواليد حي «قلعة الكبش «في السيدة زينب - ، عن
الناقد الفرنسي الكبير أندريه بازان وعقدة الفراعنة،ووظيفة النقد السينمائي
عند الأديب والكاتب الروائي الإيطالي الكبير البرتو مورافيا في كتابه «
ثلاثون عاما في السينما عن التأثيرات التي أحدثتها أفلام السينما الأجنبية
التي كان يشاهدها وهو في الخامسة من عمره في سينما ترسو من الدرجة
الثالثة، لم تكن تعرض إلا الأفلام الأجنبية فقط، هي دار عرض «سينما إيزيس»
في حي السيدة زينب الشعبي العريق، وكانت بمثابة المدرسة التي تعلم فيها
هاشم عشق السينما، وشاهد أفلام فترة الخمسينيات مثل «القرصان الأحمر»
و»كوفاديس» و«طرزان» و»وحش البحيرة السوداء» و«كينج كونج» و»إيفانهو»
وغيرها، خلبت لبه
إنها «استراحة محارب» وتتويج لمسيرة ناقد سينمائي مصري كبير، خلف أسوار
المدارس الفنية المختلفة والكواليس.ورحيق أدبي فَيَّاض بالمعرفة، يثري
بمشاهد سَخِيّة، في عالم النجوم..ليس مُرَاد الكتاب مجرد حكايات، أو
مُرَاقَبَة مشاهدات جمالية.إنه يطرح نفسه داخل معترك الأحداث، يتناقش
ويتحاور مع الصُّورَة والقصة والرواية والإخراج، وغيرها الكثير، من ملفات
ساخنة، ومنوعات «صناعة» وصياغة الابداع. «مشرط ناعم وحاذق» مع الولادة في
غرفة العمليات الفنية. يأخذنا في أرْيَحِيّة عدسة العين ورشاقة قلم أديب و
حكواتي من عصر مضى، يؤرخ لمشوار سينمائي جميل، يصور ويرصد، لقطات متنوعة،
تؤرخ لخطوات مشوار جميل في طرقات السنين.
وصلاح هاشم هنا في سندبادياته السينمائية هنا ليس ناقدا سائحا كالآخرين،
إنه جاحظي النكهة، عفوي الرؤية ، يجيد الابتسامات السوداء، في كل كتبه -
أكثر من عشرين كتابا - مثل كتاب «السينما العربية خارج الحدود» وكل أفلامه
الوثائقية- أكثر من 8 أفلام أخرجها حتي الآن – مثل فيلم «البحث عن رفاعة»
الذي يحكي عن المفكر رفاعة رافع الطهطاوي، رائد نهضة مصر الحديثة. |